أرنست خوريانتظر البرلمان الأوروبي مرور 7 أشهر على تولّي الرئيس التركي عبد الله غول، ليقوّم عهده من النواحي التي مثَّلت، ولا تزال، موضوع خلاف من ناحية المطالب الأوروبيّة إزاء أنقرة لقبولها عضواً كاملاً في الاتحاد.
التقويم ورد في مسودة تقرير رسمي، مؤلَّف من 9 صفحات، كُلِّفَت النائبة عن الحزب المسيحي الديموقراطي الأوروبي، ريا أومن ـ روجيتين، إعداده، ونشرته صحيفة «زمان» التركيّة، أمس. تقرير سيناقشه البرلمان الأوروبي في نيسان المقبل، ليصوّت عليه ويعتمده في أيّار. وجاءت خلاصاته شاملة، من حيث تناولها المواضيع الساخنة التركيّة، التي جاءت معالجتها من حكومة رجب طيّب أردوغان، في جزء منها، تلبية للضغوط الأوروبيّة.
أبرز ما يُسَجَّل في متن المسودة، أنّها جزمت مسألة ارتباط عصابات اليمين القومي المتطرّف «ergenekon» بـ«علاقات وصلات عميقة» داخل أجهزة الدولة. ومعروف أنّ الحكومة الحاليّة فعلت ما لم تجرؤ على فعله سابقاتها؛ فمنذ الحظة الأولى لاعتقال شخصيّات الصفّ الأوّل لهذه «الدولة داخل الدولة»، أعلنت أنّها تنوي السير بالمسار القضائي حتّى خواتيمه. وبالفعل، كشفت أسماء مهمّة مرتبطة بها، وأكّدت نيّتها الكشف عن «الرؤوس الكبيرة فيها» مهما علا شأنها. وفي السياق، جاء في التقرير أنه «على السلطات التركيّة أن تدفع قدماً في التحقيقات بشأن قضيّة ergenekon، لكشف النقاب عن ارتباطاتها بأجهزة الدولة».
أمّا في شأن المادّة 301 من قانون العقوبات، الذي يقيِّد حرية التعبير بممنوعات «انتقاد القوميّة التركيّة» turkishness، والذي تنوي الحكومة تعديله لأنه يمثِّل سيفاً مُصلَتاً فوق رؤوس المثقّفين والصحافيّين، فكان تعليق التقرير قاسياً على الحكومة، التي «لم تفِ بشيء تقريباً من وعودها في هذا المجال، لتحقيق تقدّم على صعيد حريّة التعبير».
غير أنّ أداء الحكومة نال إشادة أوروبيّة في مجالين:
ـ إقرار البرلمان لـ«قانون الجمعيات» الذي يفتح مجال الحريّة واسعاً أمام الطوائف غير المسلمة في البلاد. ورغم أنّ التقرير رحّب بالقانون الجديد، فإنه أوصى بتأليف لجنة لتدرسه، لمعرفة «إذا ما كانت بنوده كافية من حيث تأمين الحريّة لغير المسلمين».
ـ والأبرز، أنّ التقرير رحّب بعمل الحكومة الحاليّة في وضع حدّ لتدخّل العسكر بالحياة السياسيّة، وشجّعها على المزيد من الجهود لإجبار الجيش على «احترام مسؤوليّات القيادات المدنيّة».
كما خصّصت مسوّدة التقرير حيّزاً واسعاً للعلاقات التركيّة ـ الأرمنيّة. ولم يُستَعمَل تعبير «الإبادة الجماعيّة» التي تعرّض لها الأرمن في القرن الماضي. واكتفت بدعوة حكومتي أنقرة ويريفان إلى الشروع في عمليّة مصالحة، وحثّت أنقرة على وقف العقوبات التي تفرضها على جارتها، وإعادة فتح حدودهما المشتَرَكة.
وفي المقلب الآخر، ظهر النوّاب الأوروبيّون كأنهم يهادنون حكّام تركيا. فرغم أنّ عدداً كبيراً من الدول الأوروبية لا ترى أنّ حزب العمّال الكردستاني، «إرهابيّ»، فقد وصفه التقرير، بأنّه كذلك. هذا ودعا السلطات إلى حلّ سريع للقضية الكرديّة. والوصفة الأوروبيّة جاءت متطابقة حرفيّاً مع الخطّة التي أعلن أردوغان البدء بتطبيقها، وهي تخصيص مبلغ يصل إلى 15 مليار دولار لتنمية مناطق الأكراد المحرومة والفقيرة، وفتح قناة تلفزة باللغة الكرديّة.
وعن التدخّل العسكري التركي في شمال العراق، لم تكن اللهجة شديدة ضدّ العمليات العسكريّة، فكان التمنّي على تركيا «تحاشي قتل المدنيّين»، وعدم الشروع بهجمات «غير متكافئة مع احترام سيادة العراق».