بول الأشقرعُقد في واشنطن فجر اليوم اجتماع على مستوى وزراء الخارجيّة في إطار «منظّمة الدول الأميركيّة» لمتابعة ذيول الغارة الكولومبيّة على الحدود الإكوادورية في بداية الشهر الجاري، التي أدّت إلى التوتّر الإقليمي الذي جرى الالتفاف عليه في اجتماع «مجموعة ريو» في سانتو دومينغو قبل 10 أيام.
ويُعقد هذا الاجتماع بعد أيّام من زيارة وفد من المنظّمة الإقليمية، يتقدّمه أمين السرّ خوسيه ميغيل إنسولزا، مكان الحادث واطّلاعه على مقاربتي الإكوادور وكولومبيا «المتناقضتين» حوله. كما يأتي بعد الزيارة الخاطفة التي قامت بها وزيرة الخارجيّة الأميركيّة، كوندوليزا رايس، في نهاية الأسبوع إلى كلّ من البرازيل وتشيلي.
ولم يُرضِ «التبريد» الذي عرفته الأزمة الإقليميّة في اجتماع «مجموعة ريو» الولايات المتحدة، الغائبة الكبيرة في اجتماع سانتو دومينغو والحليفة المعزولة للرئيس الكولومبي، ألفارو أوريبي، في اجتماعات منظمة الدول الأميركية. والتنديد بالغارة من دون الإشارة إلى الطابع «الإرهابي» للمنظّمة اليساريّة الكولومبيّة، «فارك» (ولو دون إدانة كولومبيا)، سيبقى محور مسوّدة البيان الجديد الذي سيصدر عن الاجتماع الإقليمي، وهذه المرة باسم وزراء الخارجيّة، وبالتالي باسم رايس.
وهذه السكّة لا توفّر للولايات المتحدة الهامش الكافي لإدارة الاجتماع بأجندتها: الحرب على الإرهاب والحرب على المخدرات. فقد أتى التصريح «الحربي» قبل أيام للرئيس الأميركي جورج بوش ضدّ نظيره الفنزويلي هوغو تشافيز، «عرّاب الإرهاب والمخدرات»، كمحاولة لاستعادة هذه المبادرة. وأكثر من ذلك، فـ«النهاية السعيدة» لقمّة سانتو دومينغو ضاعفت الحنين حتى بين حلفاء الولايات المتحدة إلى «منظّمة الدول الأميركيّة اللاتينية»... بكلمات أوضح: دون الولايات المتحدة!
وبانتظار حلّ سياسي للنزاع في كولومبيا، يبقى الملحّ هو اتخاذ التدابير الكفيلة بـ«عدم تجدّد ما حصل». وهذا ما كشفته الأزمة الإقليمية الأخيرة حيث تخطّى الصراع الداخلي الكولومبي حدود الإكوادور. أمّا الصعب، فهو أنّ الحدود بين البلدين، في جزئها الأكبر، أدغال، وهي بين الإكوادور والـ«فارك» أكثر منها بين الإكوادور وكولومبيا. وهذا الواقع الأخير هو نتيجة نجاح الجيش الكولومبي، لا العكس، في استعادة المبادرة العسكريّة وكسر التعادل السلبي الذي كان يميّز الصراع حتى الآن وحشر المنظّمة العسكريّة بنسبة كبيرة في المناطق غير المألوفة من السكّان.
وفي ظلّ غياب أفق سياسي للصراع الكولومبي، ما يهم الإكوادور المستضعفة هو «ضمان» عدم تجدّد المغامرة العسكريّة على أراضيها. ولها مع كولومبيا نزاع حول آثار «خطة كولومبيا» من هذا الطرف من الحدود، أو تحويلها من «ضحيّة» إلى «متورّطة». وهي مستعدّة، كما قال رئيسها رافاييل كوريا مراراً، لـ«طلب القبّعات الزرقاء» لتثبيت هذا الحق. ومن هنا يبدو أن التروّي الإكوادوري في «تسخين» العلاقة التي استُعيدت مع كولومبيا هو من ضمن هذه «السياسة الانتظاريّة».
أمّا في كولومبيا، فيستمتع أوريبي بشعبيّته الخرافية. ومع تسليم أولى العرائض، بدأ العد العكسي، إثر مسار طويل يمتدّ الآن على أكثر من سنة، لعمليّة تعديل الدستور التي تجيز له الترشّح للمرّة الثالثة لرئاسة الجمهورية. وقد فاجأ التوقّعات بعدم التوجّه إلى الحدود مع فنزويلا أمس، لحضور حفل موسيقي «من أجل السلام» دعا إليه فنانون، في أوج التوتر الإقليمي.
أمّا اهتمامه الآخر، فهو تصديق الكونغرس الأميركي على اتفاقيّة التجارة الحرّة مع الولايات المتحدة التي تعرقلها حاليا الأكثريّة الديموقراطيّة... فكيف سيكون عليه الأمر بعد تسعة أشهر عند تغيّر «الحليف»، الرئيس جورج بوش؟