غزة ـ رائد لافيالموت في غزة لا يطال البشر فقط، فكل ما هو فلسطيني معرّض للموت في أي لحظة، بفعل الحصار المشدد المضروب على القطاع منذ حزيران الماضي.
أربعون قبراً جديداً مثّلت مقبرة «صناعية» جماعية أودعت فيها اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار نحو 3900 مصنع فلسطيني، تمثل مختلف القطاعات الصناعية والإنتاجية في غزة، وباتت في حكم «الأموات» بعدما اضطر أصحابها إلى إغلاقها وتسريح العمال.
وحتى المقابر لم تنجُ من لعنة الحصار، فلم تجد اللجنة الشعبية البلاط الخاص بتغطية المقابر، فاستعاضت عنه بورق أبيض بمثابة «بلاطة ورقية». وقال رئيس اللجنة، النائب جمال الخضري، خلال تجوله بين المقابر برفقة أصحاب المصانع، إن «اللجنة ارتأت من خلال تدشين هذه المقابر لدفن المصانع المغلقة، في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم، إظهار حجم الخطر المحدق بالقطاع الصناعي الذي يعتاش من ورائه الآلاف من سكان القطاع». ووصف الحصار بأنه «قرصنة إسرائيلية»، تستهدف الإنسان الفلسطيني، مشيراً إلى أن الحصار «ظالم وجائر وغير شرعي، ويتناقض مع كل المبادئ والقوانين الدولية والحقوقية، واتفاقيات جنيف».
وقال الخضري إن «الحصار تسبب في تعطل العشرات من مشاريع البنية التحتية والإنشائية في القطاع، حيث بلغ إجمالي خسائر هذه المشاريع أكثر من 500 مليون دولار»، مشيراً إلى أن «80 في المئة من الشعب الفلسطيني يعيش تحت خط الفقر، في حين يعيش مليون ومئة ألف مواطن في غزة على المساعدات الخارجية، بينما تجاوزت نسبة البطالة 65 في المئة».
وجلس أصحاب المصانع أمام أضرحة مصانعهم، التي غطتها الأعلام الفلسطينية، ولافتات وضعت تبين اسم المصنع وعدد العاملين فيه، بينما تناثرت باقات من الورود من حولها.
كثيرون من أصحاب هذه المصانع تعاملوا مع الأمر وكأنهم يودعون أبناءهم، أو أحبتهم بصدق، فجلسوا يتأملون القبر، بينما الدموع تنهمر من عيونهم بصمت، فيما انشغل آخرون في تلاوة سورة الفاتحة.
وقال رجل الأعمال ناصر الحلو «هذا ما آل إليه الوضع في القطاع بعد تسعة شهور من الحصار المشدد»، مشيراً إلى أن «المقابر عادة ما تكون لدفن الأموات، لكن لم نشهد مقابر لدفن الأحياء والمصانع».
وأعلن محمد أبو العوف نية رجال الأعمال في غزة رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الإسرائيلية ضد حكومة إيهود أولمرت، بسبب تدميرها حياة الطبقة العاملة في غزة.