بغداد ـ الأخبارتسابقت التطوّرات الأمنيّة والسياسيّة على فرض نفسها على المشهد العراقي في الأيّام الأربعة الماضية. فمع تجاوز عدد قتلى الاحتلال الأميركي عتبة الـ4 آلاف جندي، شهدت بلاد الرافدين موجة عنف تُعَدّ الأكبر خلال الأشهر الأخيرة، في ظلّ وصول العلاقة بين التيّار الصدري والقوى الحكوميّة، ومن خلفها القوات الأميركية، إلى حدّ إعلان التيّار «العصيان المدني» في مناطق نفوذه، احتجاجاً على «الهجمة المتوحّشة» ضدّ أنصاره، والتي بلغت ذروتها في بغداد والبصرة.
في هذا الوقت، أكّد رئيس «تجمّع الديموقراطيين المستقلين»، عدنان الباجه جي، لـ«الأخبار»، أنّ لجاناً تحضيرية شكّلتها «القائمة العراقيّة الموحّدة» التي يرأسها إياد علاوي للدعوة إلى مؤتمر وطني للمصالحة الوطنيّة، «لكسر الجمود في العملية السياسية». ويبدو أنّ مبادرة قائمة علاوي تأتي ردّاً على مؤتمر «المصالحة» الذي رعته حكومة نوري المالكي الأسبوع الماضي، والذي قاطعته كتل علاوي و«جبهة التوافق العراقية» والتيار الصدري و«القائمة العراقية للحوار الوطني»، ما أفقد المؤتمر قيمته سياسياً.
وقال الباجه جي، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، إنّ المؤتمر المقرَّر عقده في بغداد، «يختلف عن المؤتمرات السابقة التي عقدت برعاية حكومية، لأنه يهدف إلى إشراك من هم خارج العملية السياسية في بلورة فهم مشترك للمشكلات التي تواجه البلاد»، مشيراً إلى أنّ الحكومة ستكون طرفاً في هذا المؤتمر، وليس منظّماً له. كما وصف الباجه جي مؤتمر الأسبوع الماضي بأنه كان «مؤتمراً خلافياً أكثر من كونه مؤتمر مصالحة». وكشفت مصادر من داخل «حركة الوفاق الوطني» أنّ علاوي وضع رئيس الجمهورية جلال الطالباني والمالكي في مقدّمة لائحة القادة السياسيين والشخصيات المدعوّين لحضور المؤتمر الذي سيُعقَد بحسب هؤلاء في بغداد خلال الشهر المقبل. ورأت المصادر أنّ الهدف الأساسي للمؤتمر هو إشراك أكبر عدد «ممن هم خارج العملية السياسية، في التداول بالأمور الحساسة التي تهمّ البلاد، والتي من خلالها يتم إنشاء مصالحة وطنية حقيقية».
على صعيد آخر، أعلن التيّار الصدري أنّه بدأ بعد ظهر الاثنين اعتصامات وعصياناً مدنياً في غرب بغداد احتجاجاً على «تجاوزات بحقّ المدنيّين» وذلك بعد مقتل ستّة من عناصره قبل أيام في جنوب غرب العاصمة.
وقال المتحدّث باسم مكتب الصدر، حمد الله الركابي، «نظراً لعدم استجابة الحكومة للمطالب الوطنيّة والمشروعة، بدأنا الاعتصام الساعة الثالثة بعد الظهر». وأضاف «لا نرغم أحداً على المشاركة، ولا نطالب دوائر الدولة بالإغلاق، إنه اعتصام لمن يريد المشاركة».
وكان التيار الصدري قد هدّد أول من أمس بتنفيذ عصيان مدني إذا «لم تتوقّف المداهمات العشوائية وإطلاق سراح المعتقلين وتقديم اعتذار رسمي على ما جرى من تجاوزات».
ميدانيّاً، اتهم قائد قوات الاحتلال الجنرال دايفيد بيترايوس، في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية، «بي بي سي»، إيران بالوقوف وراء القصف العنيف الذي تعرّضت له المنطقة الخضراء في بغداد أوّل من أمس، كما حمّل «فيلق القدس»، التابع للحرس الثوري الإيراني، مسؤولية العنف الذي تشهده الأراضي العراقية.
أعمال العنف هذه حصدت في الأيام الثلاثة الماضية نحو 100 قتيل، معظمهم قضى في تفجيرات في الموصل وبغداد. كما طاولت هذه الأعمال مدينة البصرة، ما أوجب على المالكي التوجّه إليها على عجل وبشكل مفاجئ، «للاطّلاع على الوضع الأمني» في المدينة، على حدّ بيان حكومي.
وفي السياق، نفت القوّات البريطانيّة وجود خطط لإعادة نشر القوّات البريطانية في البصرة، مع تأكيدها استعدادها تقديم الدعم للقوات العراقية «في ما لو طلب منها ذلك». وجاء البيان التوضيحي ردّاً على ما نشرته صحف بريطانيّة في الأيام الماضية، وأكّدت فيه أنّ لندن تفكّر جدياً بإعادة نشر قواتها في المدينة إثر سيطرة الميليشيات على الأمن فيها.
إلى ذلك، وصل عدد الجنود الأميركيين القتلى إلى 4002. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو إن «الرئيس يشعر بقوة بكل واحد من الذين قتلوا ويشعر بالأسى لأسرهم. من البديهي أنه حزين لهذه اللحظة (وصول القتلى إلى أربعة آلاف)». وكشفت عن أنّ بوش «قد يتّخذ قبل نهاية الأسبوع قراره المرتقَب بشأن مواصلة أو عدم مواصلة خفض عديد القوات الأميركية في العراق بعد شهر تموز» المقبل.