حسام كنفانيوخلال الاجتماع التشاوري للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الخميس الماضي، أكدّت مصادر لـ«الأخبار» أن عباس «لم تكن لديه معلومات عمّا يدور في صنعاء»، مشيرة إلى أنه «أثناء الاجتماع اتصل بعزام الأحمد وأعلن بعد ذلك أنه لا توجد مؤشرات على احتمال التوصل إلى اتفاق». هذه المؤشرات بقيت حتى اللحظة الأخيرة قائمة، والاجتماعات الماراتونية يوم السبت بين وفد «حماس» ووزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي لم تحسم الخلاف، ولا سيما أن المطلب الحمساوي بقي على حاله بإجراء تعديلين على البند الأول من المبادرة اليمنية، الذي ينص على «العودة بالأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل تاريخ 13/6/2007 والتقيد بما التزمت به منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء انتخابات مبكرة رئاسية ومجلس تشريعي». مطالبة «حماس» تركزت على شطب فقرة «التقيد بما التزمت به منظمة التحرير» باعتبار أن مضمونها وارد في البند الثاني في اتفاق مكة. كما طالبت بتعديل العودة بأوضاع غزة إلى العودة بـ«الأوضاع الفلسطينية»، مع ما يعني ذلك من إلغاء حكومة سلام فياض وإبطال قرار عباس حلّ حكومة اسماعيل هنية.
المطالب «الحمساوية» ووجهت برفض قاطع من وفد منظمة التحرير على اعتبارها مخالفة لـ«الإجماع العربي»، الذي تبنّى المبادرة اليمنية. وقالت مصادر مطّلعة على مفاوضات صنعاء إنه حتى اليمنيين أكدوا «أنهم لن يتخذوا أي موقف مخالف للإجماع العربي».
وأضافت المصادر أن وفد المنظمة سعى إلى الحفاظ على هذه الأجواء، حتى لا يتحمّل مسؤولية إفشال المسعى اليمني، ولا سيما أن تشكيلة الوفد كانت لـ«العلاقات العامة، والمقصود منها الخروج بأقلّ الخسائر الممكنة من دون ضرب العلاقة مع اليمنيين».
جزء من مسعى منظمة التحرير تحقق، وهو حفظ العلاقة مع اليمنيين، إلا أن هذا قد لا يستمر طويلاً في ضوء التفسيرات المتناقضة لإعلان صنعاء، الذي من الممكن القول إنه تبنّى الرؤية «الحمساوية» بنصّه على «عودة الأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل 13 حزيران»، ما يعني وقوع منظمة التحرير و«فتح» في فخ «حماس» في صنعاء.
ما الذي تغيّر خلال الساعات الأخيرة ودفع عزام الأحمد إلى التوقيع؟ وهل فعلاً حصل على تفويض من محمود عباس؟
تؤكّد مصادر فلسطينية مطّلعة أن الخلافات بدأت داخل وفد المنظمة منذ التسليم برفض «حماس»، الذي أعلنه المتحدث باسم كتلتها البرلمانية صلاح البردويل، للتفاوض مع منظمة التحرير على اعتبار أن الخلاف مع حركة «فتح». قبول ممثل «فتح» بهذا الإعلان دفع رئيس وفد المنظمة إلى صنعاء عضو اللجنة التنفيذية، صالح رأفت، إلى مغادرة العاصمة اليمنية والعودة إلى رام الله، ليبقى عزام الأحمد وعضو اللجنة التنفيذية قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، الذي نأى بنفسه عن مباحثات الأحمد، حتى إنه قاطع التوقيع على «إعلان صنعاء».
وتشير المصادر إلى أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح استدعى عزام الأحمد إلى مقرّ الرئاسة وعرض عليه إعلان صنعاء، متعهّداً أن «يتم الالتزام بتنفيذ الإعلان من دون الخوض في التفسيرات». التعهد نفسه قطعه القربي على الأحمد، وأضاف إليه «الضغط على حماس للتنفيذ».
هذه التطورات والتعهدات دفعت الأحمد إلى القبول بـ«الإعلان» على اعتباره أنه ينسجم و«روح» مطالب السلطة الفلسطينية. ولم تجزم المصادر في مسألة «التشاور» بين الأحمد وعباس، إلا أنها رجحت أن يكون ممثل «فتح» قد استخدم «التفويض» الممنوح له للتوقيع، وهو ما أعلنه الأحمد نفسه في إطار دفاعه عن «إعلان صنعاء».
ولم تستبعد المصادر أن يكون السجال الحاصل جزءاً من تصفية حسابات داخل حركة «فتح» على أبواب المؤتمر العام للحركة، ولا سيما أن الأحمد يتزعّم المطالبين بإقالة حكومة سلام فياض وتأليف حكومة يرأسها فياض، وتشارك فيها حركة «فتح»، وهو ما لا يريده أبو مازن في المرحلة الحالية خشية الدخول في سجال قانوني حول موافقة المجلس التشريعي «الحمساوي» على أي حكومة مقبلة. وأشارت المصادر إلى إمكان أن يكون الهدف من اللغط الحاصل تحجيم عزام الأحمد بعد توسّع نفوذه وإمساكه بملف اللاجئين الفلسطينيين في العراق والعلاقة مع السودان.