دخلت المواجهات المسلّحة بين القوّات الأمنيّةالعراقيّة ومسلّحين من «جيش المهدي» وميليشيات أخرى في البصرة يومها الثاني، أمس، وامتدّت إلى مناطق عديدة، ما دفع رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، إلى تحديد مهلة 3 أيّام لإنهاء العنف وإلقاء السلاح، فيما تلقّى دعوة من «التيّار الصدري» بضرورة مغادرة البصرةالأخباردعا الزعيم الشيعي، السيّد مقتدى الصدر، رئيس الوزراء العراقي إلى «مغادرة البصرة»، طالباً في الوقت نفسه التفاوض «لإنهاء الأزمة»، حسبما قال مسؤول الهيئة السياسية في التيّار الصدري، لواء سميسم، وذلك بعدما أدّت أحداث العنف خلال اليومين الماضيين إلى سقوط 40 قتيلاً وأكثر من 200 جريح.
وشدّد سميسم، في حديث لوكالة «رويترز»، على أنّ وقف إطلاق النار الذي أمر به الصدر في آب الماضي، لا يزال سارياً رغم الحملة التي تشنها القوات الحكومية ضد أنصاره، فيما قال مصدر في التيّار لوكالة «فرانس برس»، إنّ الصدر طلب «إرسال لجنة برلمانيّة للتحقيق في الأحداث التي وقعت في البصرة وتهدئة الأوضاع».
غير أنّ «فرانس برس» أفادت بأنّ مقاتلي «جيش المهدي» عادوا بملابسهم السوداء وأسلحتهم إلى أزقة مدينة الصدر. ونقلت عن سعيد عباس، وهو قائد مجموعة من المقاتلين، قوله «لقد اعتقلتنا الحكومة وجماعة بدر (الجناح العسكري لـ«المجلس الأعلى الإسلامي العراقي») في كربلاء، لذا نحن نقاتل ضد الظلم الذي لحق بنا هناك»، في إشارة إلى معارك كربلاء العام الماضي. وأضاف «نريد أن نأخذ حقنا من منظمة بدر والحكومة. هذه المعركة هي امتداد لمعركة كربلاء التي أعدموا خلالها العديد من مقاتلينا».
وفي موقف لافت، أشاد «الائتلاف العراقي الموحّد»، الكتلة الشيعيّة الأبرز في البرلمان، بزعامة السيّد عبد العزيز الحكيم، بالعملية العسكريّة الجارية في البصرة، مندداً بـ«زمر التخريب والخارجين عن القانون».
وقالت الكتلة، التي تضمّ 85 نائباً، في بيان، «نبارك جهود الحكومة في مسعاها لبسط الأمن والقضاء على العصابات المسلحة في البصرة وعلى زمر التخريب في محافظات العراق من دون استثناء». وأضافت أنّ العملية «موجهة ضدّ الذين نهبوا ثروات البلاد وسلبوا المواطنين أمنهم واستقرارهم من دون الالتفات إلى خلفيّاتهم السياسيّة أو الفكرية».
وفي المقابل، قال النائب عن «الكتلة الوطنية للحوار الوطني»، برئاسة صالح المطلق، محمد الدايني، إنّ «الكتلة العربية للحوار الوطني تعلن تضامنها مع التيار الصدري لما يتعرض له من مضايقات من قبل الحكومة». وأضاف «الكتلة تصطف مع التيار الصدري، لأنّها تشعر بأنّ هناك مشروعاً دولياً ومحلياً لاجتثاثه بسبب مواقفه الوطنية الداعية إلى إخراج الاحتلال من العراق».
وأفادت مصادر أمنيّة وطبيّة بأنّ 12 شخصاً قتلوا وأصيب 77 آخرون في اشتباكات بين قوات الأمن العراقية ومقاتلي «جيش المهدي» في حي مدينة الصدر ببغداد منذ أوّل من أمس، فيما أدّت المواجهات بين الطرفين إلى سقوط 24 قتيلاً في أحياء الكرادة وكاظميّة والرسالة في بغداد، وفي مدينتي الكوت والديوانيّة. كما أدّت غارة أميركيّة إلى مقتل 5 أشخاص في تكريت.
وفي السياق، أعلنت السفارة الأميركيّة في بغداد أنّ 3 أميركيّين أصيبوا بجروح إثر القصف الذي استهدف المنطقة الخضراء المحصنة، التي تتعرّض منذ 3 أيّام إلى قصف مستمرّ، يقول الجيش الأميركي إنّ مصدره مدينة الصدر، معقل «جيش المهدي».
وقالت مصادر في البصرة لـ«الأخبار» إنّ الميليشيات حاصرت «القصر الرئاسي» العائد للرئيس الراحل صدّام حسين سابقاً، حيث هناك المالكي وكبار قادة الجيش والشرطة الآن للإشراف على العمليات العسكريّة. وقُصف بقذائف الهاون، ما دفع القوّات الأميركيّة إلى الاستعانة بالمروحيّات ونقل المالكي إلى مكان آمن.
وقال شهود عيان لـ«الأخبار» إنّ البصرة تبدو حالياً «أشبه بساحة حرب فعليّة»، وليس في الشوارع غير حركة الجيش والشرطة وسيّارات الإسعاف، وإنّ المواطنين التزموا منازلهم وهم في حالة خوف ورعب شديدين، بسبب كثافة النيران وكثرة الانفجارات وأصوات الرصاص التي تسمع في كل مكان، فضلاً عن الطائرات العمودية التي تحلّق بشكل مكثف، «ما أعاد للمدينة أجواء المعارك في الحرب العراقيّة ـــ الإيرانيّة».
وفي هذا السياق، طلب المالكي عدم «ملاحقة المغرّر بهم من الذين حملوا السلاح، حتى يسلموا أنفسهم وأسلحتهم للقوّات الأمنية خلال 72 ساعة، على أن يقدموا تعهداً خطياً». وحذّر من أنّه «بخلاف ذلك، فإنّهم سيعرّضون أنفسهم لعقوبات شديدة».
من جهة أخرى، نفى مصدر في «الفرقة 14» للجيش العراقي المرابطة حالياً في البصرة، حصول حالات تمرّد أو هروب بين صفوف أفراد الجيش العراقي خلال المواجهات العسكريّة مع المسلّحين في البصرة. وقال في بيان وزّع على للصحافة، إنّ «الجيش يقاتل الخارجين عن القانون وجميع المنتسبين يتمتعون بمعنويات عالية». وذلك بعدما كانت تقارير إعلاميّة قد ذكرت أنّ حالات تمرّد حصلت في الفرقة المذكورة، التي تقاتل في إطار عملية «صولة الفرسان»، وأنّ العشرات من عناصرها، يقودهم اللواء محمد جواد هويدي، فرّوا من المعركة.
إلى ذلك، قال الجيش الأميركي إنّ أحد جنوده قتل بنيران عدائية خلال مشاركته في دوريّة قتالية في بغداد.