بول الأشقرتُواجه رئيسة الأرجنتين، كريستينا فرنانديز كيرشنر، الصراع الداخلي الأوّل منذ تولّيها السلطة قبل شهرين، على ضوء الخلاف بين الحكومة والمصدِّرين الزراعيين المستمر منذ أسبوعين.
صراع استُفحل أول من أمس، بعدما قرَّر القطاع الزراعي قبل ساعات قليلة من خطاب للرئيسة، الاستمرار في تحركّه القائم على قطع الطرق.
من جهتها، هاجمت كريستينا «مضربي البحبوحة»، مقارنة بينهم وبين «مضربي العوز»، في إشارة إلى قطع الطرق التي عرفتها الأرجنتين في أزمة عام 2001 لدى انهيار الاقتصاد. ودعت المزارعين إلى التفكير مليّاً، رافضة الخضوع «لأي عملية ابتزاز». وتضامنت المعارضة بشقّيها اليميني والراديكالي مع المزارعين وعرفت المدن الكبيرة ـ وجوار القصر الرئاسي ـ تظاهرات أخذت شكل «البانيلاسو» أي الطَّرق على الطناجر في محاولة لاستعادة «رمزية» التحرك الشعبي الذي أطاح الرئاسة قبل ثماني سنواتوفي محاولة لمحاربة التضخم الضاغط وضمان استمرارية التموين، قرّر وزير المال مارتين لوستو، رفع نسب الضرائب المفروضة على تصدير الحبوب، وخصوصاً السوجا ودوّار الشمس بنسب تتراوح بين 7 و9 في المئة وبنسبة واحد في المئة للقمح والذّرة. وتحاول بذلك الحكومة، وفي إطار خطة ستمتد إلى قطاعات زراعية أخرى، لجم التضخُّم الناتج من ارتفاع أسعار الحبوب العالمية وضمان تزويد حاجات السوق الداخلية، وأيضاً الشروع بإعادة هيكلة قطاعات محدّدة من خلال التأثير على أصناف محددة من الحبوب.
وكان الرئيس السابق، نيستور كيرشنر، قد لجأ قبل سنتين إلى تدابير مماثلة لتأمين وصول اللحم بأسعار مقبولة الى طاولة الأرجنتينيين، ولو على حساب المصدِّرين إلى الأسواق الخارجية بأسعار خيالية. وهذا ما أشارت إليه صراحة الرئيسة الأرجنتينية عندما قالت «أنا رئيسة جميع الأرجنتينيين وعليّ أن أحكم لمصلحة جميع الأرجنتينيين وأن أضمن وصول الطعام بأسعار أرجنتينية أيضاً». وبرَّرت القرار بأنه «في الدرجة الأولى قرار لإعادة توزيع الثروة. وهذه القطاعات هي التي جنت أعلى نسبة من الأرباح في السنوات الخمس الأخيرة».
وبعد دخول الصراع أسبوعه الثالث، أخذ الكباش بين الرئيسة ومصدِّري الحبوب يلوّث مجمل المشهد الريفي، بما فيه قطاعات الحليب واللحم والدواجن ليصل إلى عارضات المحلات التجارية والسوبرماركات في المدن. لقد بدت قساوة هجوم الرئيسة المضاد توحي بأنها لن تتراجع في مواجهتها الأولى، وآخر أخبار أمس أفادت بقطع الطريق العام بين بوينس آيرس ومار ديل بلاتا من قبل الهيئات الزراعية.
وفي محاولة لتبريد الهمم، دعا هيرميس بينير، الحاكم الاشتراكي في محافظة سانتا في، أحد خزانات الأرجنتين الزراعية، مؤسسات الإنتاج في الريف إلى اجتماع عمل لبلورة «حلول قادرة على المساهمة في إطفاء الحريق». وطلب من الحكومة أن تبادر في الدعوة إلى التفاوض لحل «من دون رابحين وخاسرين».