حيفا ـ فراس خطيبكثّفت سلطات الاحتلال حملتها الأمنية خلال الأشهر الماضية على نشطاء «التجمع الوطني الديموقراطي»، الذي يرأسه الدكتور عزمي بشارة. وكشف الأمين العام لـ«التجمع»، عوض عبد الفتاح، لـ«الأخبار»، عن أنه «حُقِّقَ في الآونة الأخيرة مع ما يقارب 18 ناشطاً من كل مستويات الحزب، من القيادات العليا وصولاً إلى أعضاء لجنة مركزية وقياديين في صفوف شبيبة الحزب وفي الحركة الطلابية العربية داخل الجامعات».
وتجري التحقيقات بعد استدعاء النشطاء من دون توجيه تهم تذكر. وأشار أشرف قرطام، عضو اللجنة المركزية في الحزب، والمساعد البرلماني السابق لبشارة، إلى أنه استدعي للتحقيق قبل نحو شهر واحد، وأنَّ المحققين طلبوا منه التوقيع على مستند جاء فيه حرفياً: «أعرف أن السيد عزمي بشارة مطلوب للتحقيق معه من الشرطة الإسرائيلية بسبب علاقاته مع حزب الله. وقد تم تحذيري من الشاباك من أن أي لقاء مع السيد عزمي بشارة من الممكن أن يكون من أجل التجند لحزب الله، حتى لو لم يكن ذلك هدف اللقاء».
وتابع قرطام لـ«الاخبار» أنه رفض التوقيع، وأنَّ النشطاء أيضاً رفضوا، موضحاً: «نحن مستمرون، ولا نقبل هذه المهاترات، يريدون تحويل بشارة من قائد سياسي ومفكر إلى مجرد مخبر يحاول تجنيد وكلاء. لكنهم خابوا ولم ينجحوا بمثل هذه المؤامرات، لا في السابق ولا اليوم».
ويشير عبد الفتاح إلى أنَّ «التحقيقات مع نشطاء التجمع، تتمحور حول عملهم السياسي، ومحاولة نيل معلومات عن نشاط الحزب». وقال إنَّ التحقيق أيضاً انحدر نحو «التخويف والترهيب من العمل السياسي». وتابع يقول إنَّ الهدف الأساسي من هذه التحقيقات يندرج ضمن «إشاعة الخوف والإرهاب وردع الناس من مواصلة دورهم الوطني، وإضعاف الحزب بعدما اتضح لهم أنَّ المؤامرة على عزمي بشارة لم تضعف الحزب مطلقاً، والعكس هو الصحيح».
وأوضح عبد الفتاح أنَّ «هذه التحقيقات لم تنل من الحزب ونشطائه»، وأن «التجمع» يشدّد على رفع مستوى التنسيق بين القوى العربية، وخصوصاً تلك التي تتعاطف مع حزب للتجمع و«تطوير جبهة عالمية شعبية لفضح ممارسات ما يسمى «الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» التي تمارس العنصرية والتمييز ضد 20 في المئة من مواطنيها الفلسطينيين». واضاف أنَّ هذا الإصرار يكتسب شرعية أكبر في وقت أنَّ «اللاعبين والإقليميين والدوليين على ساحة الصراع في الشرق الأوسط لا يزالون يقلِّلون من أهمية الدور السياسي لعرب الداخل (فلسطينيي 48) وما يمكن أن يؤدي إليه إبقاء هذه المسألة من دون حل، من إمكان التفجر في المستقبل».
هذا ما يراه أيضاً رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديموقراطي، النائب جمال زحالقة، الذي قال لـ«الأخبار» إنَّ «ما تسعى إليه السلطات هو محاولة محمومة لضرب البعد الوطني في العمل السياسي العربي». وتابع: «نحن نقوم بنشاط سياسي مشروع وعلني وقانوني، ولا نمارس أي نوع من العنف، ومع ذلك فإن المخابرات الإسرائيلية منزعجة من تنامي تأثير الحركة الوطنية متمثلة بالتجمع ومن مواقفنا ونشاطتنا على كل الصعد».
وتابع زحالقة أنه قبل نحو عام أعلن رئيس «الشاباك»، يوفال ديسكين، في رسالة رسمية إلى صحيفة «فصل المقال» (لسان حال التجمع الوطني) إنَّ «الشاباك سيعمل على إفشال أي نشاط يمس الطابع اليهودي للدولة حتى لو جرى ضمن أدوات يوفرها القانون»، مضيفاً أنَّ «الشاباك» يرى نفسه «فوق القانون».
وقال زحالقة إنَّ «التجمع استمر بعد قضية بشارة في نشاطه ومواقفه». وتابع: «لقد ظنوّا أن تفجير هذه القضية سيخيف الناس، لكن حدث العكس، ولهذا السبب، الناس لم يخافوا وأفشلوا المخطط. وها هم، لجأوا إلى إجراء مثل هذه التحقيقات لإخافة الناس وهم فاشلون في ذلك حتى».
هل استدعاء نشطاء التجمع هو قانوني؟ تقول المحامية عبير بكر، من المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية «عدالة»، إنَّ «الشاباك» يستدعي الناس تحت إطار ما يسمى «المحادثات الودية»، مشيرة إلى أن هذه المحادثات «أساساً لترهيب من يُحَقَّق معهم»، موضحة أنَّ هذه الأساليب هي «استنساخ لممارسات في الحكم العسكري».
وتابعت بكر أنه «في الحالة الراهنة يُستَدعى ناشطون وقياديون في التجمع للتحقيق معهم في نشاطات سياسية بهدف جمع معلومات. وفي هذه الحالة يكون لمن يُحَقَّق معه الحق في رفض التجاوب، فضلاً عن أن بالإمكان رفض استمرار التحقيق، واستمرار الاحتجاز في غرف التحقيق».
إنَّ قضية التحقيقات تجاوزت المألوف الإسرائيلي، هذا ما يراه رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات المنبثقة من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، أمير مخول. وقال لـ«الأخبار» إنَّ ما يجري اليوم، هو «استهداف منهجي ومبرمح لحزب التجمع»، موضحاً أنَّ «هذا مخطط سلطوي، وليس إجراءً هنا وهناك»، محذراً من أنَّ هذه الممارسات الإسرائيلية، «تهدّد مجمل العمل السياسي، وتسعى إلى خلق الترهيب الذاتي لدى أعضاء القوى الوطنية وعناصرها، وزرع حالة من الشك الداخلي».