بغداد ـ الأخباردخلت المواجهات المتقطّعة بين قوّات الأمن العراقيّة و«جيش المهدي»، التي أوقعت 230 قتيلاً ومئات الجرحى حتى الآن، يومها الخامس أمس، بينما أكّد التيار الصدري رفضه تسليم أسلحته إلى حكومة نوري المالكي، الذي رأى أنّ الميليشيات التي تقاتل قوّاته في البصرة «أسوأ» من تنظيم «القاعدة»
بعد فشل المهلة الأولى التي حدّدها لـ«تسليم السلاح»، وتحديده مهلة جديدة تنتهي في الثامن من الشهر المقبل، قال نوري المالكي، خلال استقباله وجهاء وشيوخ عشائر في البصرة، «مع الأسف الشديد كنّا نتحدث عن القاعدة، لكن كان فينا من هم أسوأ من القاعدة بل هم صنعوا القاعدة»، في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي تقاتل القوات الحكومية في محافظة البصرة الجنوبيّة، منذ الثلاثاء الماضي، في إطار عمليّة «صولة الفرسان» التي أطلقتها الحكومة.
وأضاف رئيس الحكومة إنّه يتحمّل المسؤوليّة لأنّه «أبدى تساهلاً لفترة من الوقت أمام تنامي وجود الميليشيات المسلّحة في العراق». وقال: «لقد صبرنا كثيراً وتحملنا كثيراً وأعتقد أنّنا نتحمّل المسؤوليّة. كان من المفروض بنا منذ البداية أن نقول كلمة لا، ونقف عندها بقوة»، موضحاً أنّه «بعدما يئسنا، جئنا من أجل مواجهة العصابات الخارجة على القانون»، ومشدّداً على أنّ «هذه المعركة هي الأخيرة والحاسمة».
وفي محاولة للتفريق بين «جيش المهدي» والتيار الصدري، قال المالكي «لم نأت (إلى البصرة) لمواجهة حزب أو تيّار سياسي لأنّنا لا نريد أن نُدخل العمليّة السياسيّة في مواجهات. كان تصميمنا على مواجهة هذه العصابات لتخليص البصرة منها»، متّهماً إيّاها بأنّها تعمل وفقاً لأولويّات سياسيّة خارجيّة، ومؤكّداً «أنّهم إذا ما أصرّوا على الرفض فسوف نصر على الاستمرار».
في المقابل، قال العضو في الهيئة السياسيّة للتيّار الصدري، حيدر الجابري، لوكالة «فرانس برس» إنّ ميليشيا «جيش المهدي» ترفض تسليم أسلحتها، وأوضح أنّ «مقتدى الصدر أبلغنا وجوب عدم تسليم أسلحتنا إلّا لدولة قادرة على رمي الاحتلال خارجاً».
وهو ما أكّد عليه مدير مكتب الصدر في البصرة، حارث العذاري، الذي أشار إلى أنّ «مكتب الصدر وكلّ الأطراف السياسيّة في المحافظة تقوم الآن بدور التهدئة لغرض حقن دماء المسلمين والحفاظ على الأمن في البصرة»، مؤكّداً «أنّنا غير مقتنعين بالمهلة التي منحها رئيس الوزراء لغرض تسليم السلاح إلى الحكومة».
واستناداً إلى معطيات قدّمها مسؤولون عراقيّون فإنّ أكثر من 230 شخصاً قتلوا وجرح مئات آخرون في المعارك المندلعة منذ 25 من الشهر الجاري، ففي كربلاء قال قائد قوّات الأمن العراقيّة في المدينة، اللواء رعد جودت، إنّ قوّات الأمن قتلت 21 متشدداً واعتقلت 50 آخرين في اشتباكات في الأطراف الغربية للمحافظة. وفي مدينة الصدر في بغداد، قتل 75 شخصاً وأصيب نحو 500 بجروح في المعارك الجارية، حسبما أفاد المسؤول في دائرة الصحة قاسم محمّد.
وأعلن قائد «جيش المهدي» في شرق بغداد، سلام الفريجي، في حديث لـ«فرانس برس»، أنّ بعض وحدات الجيش العراقي في مدينة الصدر أرادت «تسليم أسلحتها»، موضحاً أنّ الميليشيا الشيعيّة رفضت ذلك وطلبت من العسكريّين «العودة إلى منازلهم». ونسب إلى الجنود الذين سلموا أسلحتهم قولهم «لا نستطيع إطلاق النار على شعبنا والتحاقنا بالجيش كان لمحاربة الإرهاب لا لاستهداف صدور مواطنينا». وأضاف «قلنا لهم إنّه لا يمكننا أخذ أسلحتهم ويجب عليهم الاحتفاظ بها وأعطيناهم نسخاً من القرآن كما طلبنا منهم العودة إلى منازلهم».
ولا يزال حظر التجوال الذي أعلنته القيادة العسكريّة في بغداد، ساري المفعول على أن ينتهي الأحد. وبدت شوارع المدينة خالية تماماً من أيّ حركة، فيما استهدفت سلسلة من القذائف المنطقة الخضراء وسقط فيها ما لا يقل عن ستة صواريخ.
أمّا في البصرة، التي تبعد 550 كيلومتراً عن بغداد، فقد أعلنت الشرطة أنّ قذائف سقطت على خزانات الوقود، حيث اشتعلت النيران، ما أدّى إلى احتراق بعض الآليات، فيما يسمع دوي انفجارات من مناطق محيطة بالمطار، متزامناً مع تحليق طائرت في سماء المدينة. وأفاد شهود عيان أنّ «مدنيين لقوا حتفهم، وأصيب آخرون خلال غارة جوية على حي البعث شمال منطقة الحيانيّة الشعبيّة المكتظّة (تُعدّ المعقل الرئيس لجيش المهدي في المحافظة) كما استهدفت القصور الرئاسية بقذائف الهاون».
وذكر مصدر في «جيش المهدي» أنّ المسلّحين أسقطوا مروحيّة تابعة للجيش العراقي، بعد منتصف ليل أوّل من أمس، وشوهدت تهوي إلى الأرض بعد اشتعال النيران فيها.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة العراقية خططاً لرفع الحواجز الإسمنتية من شوارع بغداد، قامت قوّات أميركيّة بصيانة الحواجز «في محاولة للحد من الهجمات بالمتفجّرات والعبوات الناسفة».
وتعتقد القوّات الأميركيّة أنّ «الجماعات المسلّحة تضع المتفجرات والعبوات الناسفة بين الحواجز التي نُقلت أو أتلفت لتسلّم في الجانب الآخر»، حسبما قال مسؤولون أميركيّون. فقد جاء في تقرير أميركي نشر على موقع للقوّات متعددة الجنسيات: «بينما كانت عملية استبدال الحواجز جارية، قام جنود من كتيبة الدعم 64، بالتأكد من وضع الحواجز بشكل مستقيم، ومتقارب بصف واحد، ومن دون ترك مساحات فارغة بينها، وذلك لمنع عمليّات وضع العبوات الناسفة في هذه الفراغات».