رسم الرئيس الأميركي جورج بوش ليل أوّل من أمس، صورة إيجابيّة عن التقدّم الحاصل في العراق، فجاء الردّ عليه ميدانيّاً، عبر مقتل 64 شخصاً على الأقلّ وجرح أكثر من مئة، في هجومين نفّذتهما انتحاريّتان استهدفا سوق الغزل لبيع الطيور والحيوانات في وسط بغداد، وسوقاً شعبيّاً في الحيّ الجديد الواقع جنوب شرق العاصمة.وهذان الهجومان من أعنف التفجيرات منذ فترة طويلة في بلاد الرافدين وأكثرها دموية. واللافت أنّ سوق الغزل، بات محجّة للانتحاريّين، أو سوقاً «للموت» كما يسمّيه بعض المواطنين، إذ تعرّض منذ عام، لثلاث هجمات دمويّة؛ ففي 26 كانون الثاني من العام الماضي، أدّى تفجير عبوة ناسفة إلى مقتل وجرح نحو 50 شخصاً. وكان سبقه في 22 تشرين الثاني، تفجير انتحاري آخر، أدى إلى مقتل وجرح 70 مواطناً. أمّا في الأول من كانون الأول من عام 2006، فأدّى انفجار سيّارة مفخخة إلى مقتل وجرح 25 مواطناً.
وتأتي هذه الهجمات غداة الإعلان عن حصيلة تستند إلى أرقام ثلاث وزارات عراقية، تؤكد مقتل 541 عراقيّاً في كانون الثاني من عام 2008، وهي الحصيلة الأدنى منذ 23 شهراً، بحسب إحصاءات الوزارات العراقيّة.
وتعليقاً على تفجيري سوقي بغداد، أعلن السفير الأميركي لدى العراق، ريان كروكر، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، أن تنظيم «القاعدة»، من خلال هذين التفجيرين، «اخترع وسيلة جديدة ومميتة لزعزعة استقرار العراق تقوم على استخدام الانتحاريّين من النساء، وذلك بعد اعتماده استراتيجيّة تفجير السيارات».
وعلى هامش كلامه على «القاعدة»، عرّج السفير في حديثه على «التدريب والتمويل» اللذين قال إن إيران لا تزال تقدّمهما إلى المقاتلين في بلاد الرافدين، مبدياً استعداد إدارته إلى معاودة حوارها مع الإيرانيّين حول العراق «متى تعرب طهران عن استعدادها» للحوار الذي كان مقرّراً إجراؤه منذ أكثر من شهرين.
وكشف كروكر عن أنه يتوقّع أن تنعقد الجولة الرابعة من المحادثات الأميركية ـــــ الإيرانيّة «في غضون أسبوع أو أكثر بقليل».
وعن دور سوريا، قال الدبلوماسي الأميركي إنّ تشديد السلطات السورية لإجراءاتها على الحدود مع العراق، «هو الذي أدّى إلى انخفاض كبير في دخول المقاتلين الأجانب إلى البلاد، ولم يكن سلوكاً بالصدفة». ولم يفت كروكر لوم الدول العربية «التي لم تُعد علاقاتها الدبلوماسية إلى المستوى الطبيعي بعد» مع العراق. في المقابل، حثّ السعوديّة ومصر على إرسال سفراء «سريعاً» إلى بغداد.
ويأتي خطاب كروكر بعدما رسم الرئيس الأميركي جورج بوش، الذي خسر جيشه جندياً جديداً في شمال العراق أمس، صورة إيجابية عن الوضع في البلاد خلال خطاب ألقاه في لاس فيغاس، أصرّ فيه على أنّه لن يجازف بالتقدّم الذي تمّ إنجازه (ميدانياً)، بالإسراع في سحب قوات بلاده من العراق، لأنّ ذلك قد يُظهر الولايات المتّحدة بأنها «نمر من ورق».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب)