يبدو أنّ الخلاف بين وزارة الدفاع الأميركيّة والقيادة العسكريّة الميدانيّة العاملة في العراق، تحت إمرة الرئيس جورج بوش، بدأت تطفو على سطح التصريحات، مع تكاثر الحديث عن نيّة قائد قوّات الاحتلال الجنرال دايفيد بيترايوس تضمين تقريره المنتظَر في آذار المقبل، إشارات إلى أنّ الوضع الأمني في بلاد الرافدين لا يسمح بانسحاب كبير لجنوده من الميدان، وهو ما يراه مراقبون ترجمة لرغبة بوش في تجميد خفض القوات في حلول شهر تموز المقبل.وأوضح وزير الدفاع، روبرت غيتس، أمس أنّ بيترايوس «ليس الوحيد الذي يقرّر بشأن مصير القوات» الأميركية في العراق، معرباً عن تأكّده أنّ بوش سوف يواجه مجموعة كبيرة من الآراء ليقرّر «ما الذي يجب فعله مستقبلاً». ولفت غيتس إلى أنّ «بيترايوس سيكون له طبعاً دور كبير في هذ القرار، لكن على الرئيس الاستماع إلى آراء أخرى».
ويُعدّ هذا الكلام ردّاً مباشراً على بوش نفسه الذي سبق أن وجّه رسالة إلى بيترايوس الشهر الماضي، خاطبه فيها بالقول «أقول لك إنك إذا كنت ترى أنه ينبغي الإبطاء في سحب جنودنا، فسألتزم قرارك، وإذا كنت تريد الإبقاء على وتيرة خفض القوّات فالأمر يعود إليك»، وهو ما أثار المعارضة الديموقراطيّة التي رأت أنّ هذا الكلام ينتقص من دور الكونغرس في اتخاذ القرارات في الحرب والسلم.
من ناحية أخرى، رأى تقرير صدر عن مفوّضيّة الأمم المتحدة للاجئين، أنّ معظم اللاجئين العائدين من سوريا إلى بلادهم، لا يعودون لأنهم يشعرون بأن بلادهم أكثر أمناً، بل لأنّه لم يعد في مقدورهم تحمّل تكاليف العيش في الخارج، إلى جانب تشديد السلطات السورية لإجراءاتها الإداريّة حيالهم، وفي مقدّمها فرض شرط الاستحصال على تأشيرة دخول.
وأفاد التقرير بأنّ معدّل تدفّق اللاجئين العائدين إلى العراق من سوريا تراجع بعدما تصاعد بحدّة في أواخر العام الماضي، وأنّ عدد الخارجين من العراق يفوق عدد العائدين إليه، فالمعدّل اليومي للذين دخلوا سوريا من العراق في أواخر شهر كانون الثاني الماضي، زاد على 1200، بينما عاد أقلّ من 700 كلّ يوم.
وعلى الفور، استنكر مسؤول في وزارة المهاجرين والمهجّرين العراقيّة ما جاء في التقرير، وقال إنّ «سوريا أصلاً تمنع دخول العراقيّين إلى أراضيها بعدما فرضت إجراءات صارمة، بالإضافة إلى فرض الضرائب على المقيمين، فمن أين حصلت المفوضية على أرقام كهذه؟». وينسف هذا التقرير التأكيدات التي تكرّرها يومياً حكومة نوري المالكي عن التحسّن الأمني في البلاد وأثره في عودة اللاجئين العراقيين من الدول التي لجأوا إليها بسبب الاحتلال.
في المقابل، وجد العراق بديلاً عن احتمال فشل التوصّل إلى اتفاقية ثنائيّة «طويلة الأمد»، من المتوقَّع توقيعها خلال العام الجاري مع الولايات المتحدة. وأوضح سفير العراق لدى الولايات المتحدة سمير الصميدعي، أنّ بلاده ستسعى إلى تمديد تفويض الأمم المتحدة الذي يسمح بوجود قوّات الاحتلال على أراضي بلاد الرافدين إذا لم يُصر إلى التوصّل إلى الاتفاقية التي تقول جميع المعطيات إنها ستؤدّي إلى إبقاء قواعد أميركية دائمة.
وكان مجلس الأمن قد صوّت في 18 كانون الأوّل الماضي لمصلحة تمديد التفويض عاماً آخر. وأكّدت حينها حكومة المالكي أنّ هذا سيكون التمديد الأخير، وستتعامل بعده مع وجود القوات الأجنبية من خلال اتفاقات ثنائية لاستعادة السيادة كاملة على أراضيها.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)