بغداد ـ زيد الزبيدي
وزير النفط الأسبق يتهم «أعوان» طهران بتسهيل «استيلائها على النفط»


في ظلّ التحضيرات للزيارة «التاريخيّة» المقرّرة في آذار المقبل للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى العراق، تعلو نبرة الاستياء العراقي جرّاء استيلاء إيران على آبار نفطيّة عراقيّة، وقيامها بـ«السحب المائل»، من خلال حفريّات تمتدّ من داخل الأراضي الإيرانيّة إلى حقول نفطيّة على الحدود الجنوبية لبلاد الرافدين، ما من شأنه أن يؤثّر سلباً في نتائج هذه الزيارة، في وقت تكتنف فيه الاتفاقية الموقّعة بين البلدين، التي تنصّ على سحب كميات من الخام العراقي لتكريرها في إيران، ومن ثم إعادتها إلى العراق، علامات استفهام.
هذا ما يقوله وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي، لـ«الأخبار»، موضحاً أنّ «استيلاء إيران على آبار نفطيّة، وتشجيعها تهريب النفط الخام من العراق إلى بلادها، ليس بالأمر الجديد، وقد أثارته قبل أشهر نقابة عمّال النفط في البصرة».
وأوضح الجلبي أنّ «حقل مجنون، الذي يُعدّ واحداً من أضخم حقول النفط العراقيّة، ليس مشترَكاً، بل هو حقل عراقي بالكامل، اكتُشف في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، ويقع كلّياً في الأراضي العراقية». وأضاف إن «إيران تحاول الترويج إعلامياً أن مجنون هو حقل مشترك».
إلّا أن الأمر الأخطر هذه المرّة، بحسب الجلبي، يتمثّل في «استيلاء إيران على 15 بئراً نفطية داخل الأراضي العراقية، وطرد كل العمّال العراقيّين من تلك الآبار. بمعنى آخر، احتلّت إيران أراضي عراقية، ويتحمّل النظام الإيراني الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع حكومة بغداد مسؤولية هذا الخطر، وخصوصاً أن الأمر لا يقتصر على مجنون، بل يمتد إلى حقول أخرى».
وعن الاتفاق الموقّع بين الحكومة العراقية السابقة برئاسة إبراهيم الجعفري وطهران، الذي ينص على قيام بلاد الرافدين بتصدير نفط خام إلى إيران لتكريره في مصفاة عبادان، ومن ثم إعادته إلى العراق على شكل مشتقات نفطية، لفت الجلبي إلى أنّ «هذا الاتفاق لا يخوّل إيران الاستيلاء على هذه الحقول، كما أن الاتفاق غير مصدّق عليه إلى الآن من جانب البرلمان العراقي»، فضلاً عن أن «إيران تعاني أصلاً شحّ المشتقات النفطية، فكيف تقوم بتكرير النفط العراقي؟».
وتابع الجلبي، وهو شغل منصب وكيل وزارة النفط في عهد عبد الرحمن عارف وأصبح وزيراً للنفط في عهد أحمد حسن البكر، أن لا علاقة لزيارة نجاد بقضية الاستيلاء على الآبار النفطية، مشيراً إلى «احتمال ارتباط بعض أطراف الحكومة العراقية بعمليات الاستيلاء، وخصوصاً أن لإيران أعواناً داخل الحكومة العراقية».
وكان وكيل وزارة الخارجية العراقي محمد الحاج حمود قد أكّد الأنباء التي تردّدت عن استيلاء إيران على 15 بئراً نفطية في منطقة الطيب في محافظة ميسان جنوب شرق العراق، قائلاً إنّ الجانب العراقي قدّم عدداً من المذكرات إلى الجمهورية الإسلامية لحلّ الإشكال.
إلى ذلك، أشار رئيس هيئة النزاهة العراقية فرج موسى إلى أنّ هناك «أكثر من 1000 بئر للنفط موصولة بـ12 أنبوباً، ستة منها للنفط الخام وستة للمشتقّات، وتؤلّف بمجموعها حزمة واحدة في منطقة قريبة من معتقل بوكا، حيث يلجأ مهرّبو النفط إلى ثقب الأنابيب وجرّ النفط إلى برك تمهيداً لسحبه باستخدام مضخّات خاصة، ونقله إلى الصهاريج العائمة التي تنقله بدورها إلى بواخر متوقفة عند مرافئ غير شرعية في شط العرب».
ولفت فرج إلى أن وزارة النفط عاجزة عن معرفة كمية النفط في الأنابيب الناقلة، أو ما هو مستخرج من الآبار لعدم امتلاكها عدّادات. وجزم بأنّ «السرقات تشمل النفط الخام والمشتقات النفطية المستوردة، إذ تعود الشاحنات المحمّلة بالمشتقّات والداخلة إلى العراق من حيث أتت بكامل حمولتها، بعدما يجري تسجيل دخول الصفقة».
من جهته، نفى مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية أنباء الاستيلاء، واصفاً الاتهامات بأنها «سوء فهم من جانب العراقيين»، مشيراً إلى أن الملفات الحدودية والنفطية تعالَج وفقاً لاتفاقية الجزائر الموقّعة عام 1975.
ورأى مصدر في وزارة النفط الإيرانية أن بلاده تعاني أزمة تهريب واسعة، من أراضيها إلى العراق، ما أدّى إلى تفاقم أزمة توزيع المشتقات النفطية بعد قرار التقنين والترشيد. وأوضح أن الاتفاق الذي وقعته قيادة بلاده مع الجعفري، وُضع موضع التنفيذ، بعدما وقّعه أيضاً رئيس الوزراء نوري المالكي خلال زيارته الأخيرة إلى طهران.