فاجأت كبرى الصحف الدنماركية قرّاءها والجاليات الإسلامية في أوروبا أمس، بإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية التي اعتبرت مسيئة إلى النبي محمد، بهدف «الدفاع عن حرية التعبير» بعد الكشف عن خطة وضعها متطرفون لاغتيال كورت فسترغارد صاحب أحد هذه الرسوم.وقامت 17 صحيفة أوروبية، منها 15 صحيفة دنماركية، بنشر صورة واحدة على الأقل من الرسوم الـ12، تظهر النبي محمد مرتدياً عمامة على شكل قنبلة على وشك الانفجار على صفحاتها الأولى.
وأوضح مديرو تحرير الصحف أن القرار يهدف إلى توجيه «رسالة واضحة للمتطرفين»، والتعبير عن تضامنهم مع فسترغارد الذي كان يعيش متخفياً في الأشهر الماضية بسبب تهديدات تلقاها.
وجاء قرارهم بعد توقيف الشرطة لتونسيين ودنماركي من أصل مغربي أول من أمس، يشتبه بتخطيطهم لاغتيال صاحب الرسوم. وتم إطلاق سراح الموقوف الدنماركي بعدما تبين انعدام علاقته بالمسألة، فيما يواجه المتهمان الباقيان احتمال ترحيلهما بعد المحاكمة بحجة «تهديد الأمن القومي وخرق قانون الإرهاب». وبين الجرائد التي نشرت الرسوم، صحيفة «جيلاندز بوستن»، التي كانت أول جريدة نشرتها عام 2005، مسببة آنذاك ردة فعل عنيفة في جميع أنحاء العالم الإسلامي تخللها إحراق سفارات دنماركية وأعمال شغب.
وكذلك نشرت الرسوم صحيفة «بوليتيكن» (يسار الوسط)، بعد أن كانت عام 2005 من أشد المنتقدين لنشرها. وبررت رئيسة تحرير صحفة «بيرلينغسكي تيدندي» المحافظة، التي لم تنشر الرسوم سابقاً، ليزبيت كنودسن، بأنه «لا يمكننا القبول بأن تؤخذ حرية التعبير رهينة من قبل التطرف الديني. يمكن لحرية التعبير أن تكون محترمة ومتسامحة، لكن يجب عدم ترهيبها بقصد إسكاتها».
وأفادت افتتاحية الصحيفة أن المسألة تهدف إلى الاعتراض على مفهوم «الرقابة الذاتية». وأضافت أن «حرية التعبير تعطيك الحق بالتفكير، بالتكلم وبرسم ما تشاء. بغض النظر كم يوجد هناك من مؤامرات إرهابية».
وفيما أدان القادة المسلمون في البلاد مؤامرة القتل المزعومة، اعترضوا في الوقت نفسه على إعادة نشر الرسوم. وكشف رئيس «مجتمع الإيمان الإسلامي» في كوبنهاغن، مصطفى شنديد، الذي قاد الاحتجاجات ضد الرسوم في عام 2006، أن منظمته تفكر بتنظيم تظاهرة أمام البرلمان. وأضاف، لوكالة «أسوشيتد برس»، «نحن مستاؤون جداً من إعادة طبع الرسوم. لم يتم هرق أي دماء في الدنمارك بسبب هذا الأمر، ولن يتم ذلك. إننا نحاول أن نهدئ النفوس». ووصف الخطوة بأنها «غبية جداً ولا تساعد على بناء الجسور التي نحتاجها. إنها ستساهم في جعل شعبنا يشعر أكثر بالعزلة».
وخوفاً من ردود الفعل المحتملة، أوضحت وزارة الخارجية الدنماركية أن بعثاتها تراقب الوضع في كل أنحاء العالم، للتعاطي مع أي إشارة اضطراب مرتبطة بإعادة نشر الرسوم. وأشار المسؤول في قسم العلاقات القنصلية في الوزارة، وفي فولفيشيل، إلى أننا «لا نملك معلومات عن أحداث أو ردات فعل تقودنا لتغيير سلوكنا الأمني تجاه المواطنين الدنماركيين».
(أ ب، رويترز، أ ف ب)