شهيرة سلّوم
في ظلّ تباطؤ متوقّع في الاقتصاد العالمي، وارتفاع حجم البطالة وأسعار السلع، من النفط إلى الغذاء، إلى مستوى لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، لا شك في أن سياسيّي العالم يفكرون بمقاربات حلول.
مقاربات قد يكون مفتاحها الإجابة عن الأسئلة الآتية: ماذا لو تمكّن المواطن من أنّ يملأ خزّان وقود سيارته بسعر أقل؟ ماذا لو أمكن أن نُطلق صناعات جديدة توفّر وظائف للعاطلين عن العمل؟ وماذا لو تمكّنت الدول النامية من أن تتحوّل إلى دول مصدّرة للطاقة، وتنشئ تكتلاً في ما بينها؟
انطلاقاً من مفهوم اقتصادي بسيط، فإن المنافسة بين السلع ستؤدّي حتماً إلى انخفاض في أسعارها، إلا أنّ هذا العامل هو الحلقة المفقودة في سوق الوقود، حيث لا خيار للمواصلات غير البنزين، ليتحوّل إلى سلعة تنافس نفسها.
وانطلاقاً من هذا التنافس، فإن «الطاقة البديلة» لا تجد من يدعمها، ولا سيما أنه حتى المحاولات النادرة لإنتاج سيارات تعمل وفق هذه الطاقة، لم تجد معطيات الاستمرارية، لعدم توفّر محطات لتزويد المحركات بها.
قد يكون دور المشرّع والسياسي أساسياً في إطلاق مرحلة «الطاقة البديلة»، عبر قوانين تُلزم الشركات إنتاج سيارات «مرنة الوقود»، بمعنى أن تكون قادرة على العمل بواسطة البنزين وأنواع أخرى بديلة كالإيثانول. كلفة هذه السيارة تزيد كثيراً عن مثيلتها التي تعمل بالبنزين، ما يعني أن المشرّع عليه أن يتدخّل ثانية لخفض الضرائب على المنتج، لتشجيعه على المضي في التحويل هذه.
وما ينطبق على السيارة يسري على كل السلع التي يمثّل النفط المادة الحيوية في إنتاجها، بعدما تَحلُّ الطاقات البديلة مكانه أو على الأقل تنافسه، ريثما ينفد، على اعتبار أنه من الموارد غير المتجدّدة.
ومادة «الإيثانول»، التي تُستخدم كوقود حيوي، يمكن إنتاجها من الذرة أو المواد النشوية الأخرى كقصب السكر (الواسع الاستخدام في البرازيل)، أو البطاطا الحلوة والنباتات المتسلّقة، وأي نوع من المواد الحيوية، كالأعشاب البرية ومخلّفات المحاصيل الزراعية، وأوراق الشجر، والأعشاب النهرية.
ويمكن أيضاً توسيع مصادر الطاقة البديلة من «الكحوليات»، من خلال ضخ مادة ثاني أوكسيد الكربون في مستوعبات وتغطيتها بالطحالب التي تتغذى من مادة الكربون، شأن بقية النباتات، وتحويل الطحالب في ما بعد إلى وقود من الكحول.
ومصادر الطاقة البديلة، مطروحة بقوة في الدول الصناعية وبعض الدول النامية، كالبرازيل والصين، التي قرّرت أن تنحو باتجاهها. وما يحفّز هذه الدول على عقد المؤتمرات البيئية الاقتصادية وإبرام اتفاقات دولية في هذا الشأن، هو ما يُطلق عليه عملية «انتقال الثروات» من أميركا وأوروبا واليابان إلى شيوخ العرب والإيرانيين وهوغو تشافيز وفلاديمير بوتين، بعدما ارتفع سعر النفط وملأ خزائن هذه الدول.
ففي عام 1998، مثّلت عائدات السعودية من النفط 32 مليار دولار. وبعد هجمات 11 أيلول 2001 تضاعف الرقم، وعام 2006 وصل إلى 203 مليارات دولار، ليتضاعف مع وصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار في أوائل كانون الثاني الماضي.
كذلك ستحقق الطاقة البديلة المتجدّدة نفعاً للدول النامية، التي تعتمد أساساً على الزراعة، والتي ستتحول بفضل حقول الذرة وقصب السكر والبطاطا إلى دول مصدّرة للطاقة.