أعربت العديد من الدول الغربية عن أملها بحدوث تحول ديموقراطي في كوبا، بعدما أعلن الرئيس فيديل كاسترو أمس تخلّيه عن الرئاسة، فيما أشادت الصين بمسيرة الزعيم الشيوعي. لكن الكوبيين استقبلوا النبأ بمزيج من الحزن والتسليم بالأمر الواقع.وقالت امرأة كوبية تدعى ماريا إيفا راميريز «القائد منحنا كل شيء. لقد فعل كل شيء لهذه الثورة ولنا ولكوبا. لسوء الحظ، حانت ساعة تقاعده بعد الكثير من النضال والاهتمام بالعالم كله».
وقال ألكسندر بيريس «يتعيّن أن تدركوا أن كل شيء يجب أن يحدث. لا أحد مُخلَّد. ولو كان هو في حالة.. على سبيل المثال ليست لديه القدرة العقلية أو الصحّية لمواصلة القيام بهذه المهمة، فإن شقيقه (راوول) يمكن أن يخلفه بشكل جيد جداً.. الأمر هو نفسه».
أماّ أفيكايلا توبو، فقد رأى من جهته أن كاسترو «يستقيل لأنه يعرف أنه يتعّين عليه أن يمنح شقيقه فرصة لأنه ضحَّى كثيراً من أجل الثورة. ورغم أنه لم يعد يحمل اللقب، إلا أنه سيواصل مساعدة الثورة الكوبية بعلمه وخبرته».
في المقابل، قالت نينوسكا بيريز، العضو في «مجلس الحرية الكوبي» المناهض لكاسترو، والذي يتخذ من ميامي الأميركية مقراً له، «من غير المعقول أن يقبل الكوبيون 50 عاماً من الدكتاتورية وأن يستمروا في قبولها».
وعلى المستوى الدولي، أجمعت معظم ردود الفعل على ضرورة انتقال كوبا إلى الديموقراطية. وقال الرئيس الأميركي جورج بوش من العاصمة الرواندية كيغالي، إن تخلّي كاسترو عن الرئاسة يجب أن يقود إلى «بداية مرحلة انتقالية ديموقراطية»، معتبراً أن الخطوة الأولى يجب أن تكون إطلاق سراح السجناء السياسيين، مطالباً المجتمع الدولي بعدم تفضيل «الاستقرار» على الديموقراطية في كوبا.
ومن ناحيته، جدَّد الاتحاد الأوروبي عرضه إقامة «حوار سياسي بنَّاء» مع كوبا يهدف إلى دعم «ديموقراطية تعددية» في البلاد.
أماّ فرنسا فقد عبَّرت عن موقفها على لسان أمين الدولة للشؤون الأوروبية، جان بيار جويي، الذي قال إن باريس تأمل أن يفتح قرار فيديل كاسترو التخلِّي عن رئاسة كوبا «طريقاً جديداً» في البلاد يؤدي إلى «مزيد من الديموقراطية»، معتبراً أن «الكاستروية كانت رمزاً للشمولية».
غير أن جويي، السياسي اليساري وأحد وزراء الانفتاح في الحكومة الفرنسية، أكد لإذاعة «أوروبا 1»، أن الزعيم الكوبي «في البداية أمّن نوعاًَ من الاستقلال (لكوبا) عن الحضور الطاغي للولايات المتحدة في أميركا الوسطى». وفي لندن، رأى المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، أن قرار كاسترو يوفِّر للبلاد فرصة إجراء «عملية انتقالية سلمية نحو الديموقراطية التعددية».
وفي مدريد، قالت وزيرة الدولة الإسبانية لشؤون أميركا الجنوبية، ترينيداد خيمينيز، إن تخلي فيديل كاسترو عن رئاسة كوبا يجب أن يعزز قدرة شقيقه راوول على القيام «بمشروع إصلاحات». كذلك أعرب وزير الخارجية الهولندي، ماكسيم فيرهاغن، عن أمله بحدوث تغيير. وقال، بحسب متحدث باسمه، «إن كاسترو شخصية مثيرة للجدل وكان (نظامه) عنواناً للفقر ونقص الحرية لكل الكوبيين في السنوات الخمسين الأخيرة». وطالبت منظمة العفو الدولية القيادة الجديدة في كوبا باستثمار فرصة إعلان كاسترو لإدخال الإصلاحات المطلوبة وضمان حماية حقوق الإنسان في البلاد.
في المقابل، أشادت الصين بفيديل كاسترو «القائد الثوري» و«الصديق القديم» لبكين، ثاني شريك اقتصادي لهافانا، مشيرة إلى أنها ستواصل «علاقات التعاون والصداقة» مع كوبا.
وفي موسكو، أشاد زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف بـ«القرار الشجاع» الذي اتخذه الزعيم الكوبي من أجل «مصلحة بلاده وشعبه»، مشيراً إلى أنه «مسؤول سياسي عبقري رفع عالياً أعلام الحرية». إلى ذلك، رأى مدير المنظمة غير الحكومية «بيبل ان نيد»، التي تساعد المنشقين الكوبيين، شيمون بانيك، أن الرحيل القريب لكاسترو «سيكون شاهداً على تراجع النظام». غير أنه رأى «أن من المحتمل أن يسعى راوول إلى تعزيز سلطته وإرساء قمع أشد».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)