strong>بول الأشقر
بقي كرسي فيديل كاسترو خالياً خلال دورة مجلس النواب الكوبي التي كرَّست انتخاب شقيقه راوول على رأس الدولة. ولكن صوته كان قد وصل في ظرف مقفل يحمله نائبان، في تأكيد جديد على مشاركته، ولو عن بعد، في القرارات التاريخية التي كان على النواب اتخاذها

أكد الرئيس الكوبي الجديد راوول كاسترو، في خطابه الأول أمس، العمل على تقليص حجم الدولة، بعدما كرَّس البرلمان استمراريته على رأسها كما كان مُرجَحاً، في تأكيد جديد على استمرارية النظام وأيضاً على استمرارية الإصلاحات التدريجية التي بدأ راوول إدخالها منذ تولِّيه السلطة مؤقتاً قبل سنة ونصف السنة. ووعد راوول برفع «عدد من المحظورات التي لم يعد لها مبرِّر... بدءاً بالأبسط وصولاً إلى محظورات أخرى قد تتطلب وقتاً أطول»، وذلك بعدما كرّم شقيقه فيديل ووعد باستشارته في جميع القضايا الاستراتيجية.
وبعدما تأكد عدم وجود مرشَّح آخر غير راوول لمنصب الرئاسة، تم انتخابه بالإجماع وبرفع الأيدي، فيما اختار النواب الأعضاء الثلاثين الباقين الذين سيشكلون قيادة البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة. وينتمي نصف هؤلاء تقريباً إلى الحرس القديم الذي يتميز بوجود كثيف لضباط الجيش. أما النصف الثاني فينتمون إلى ما سماه فيديل «الجيل الانتقالي»، إذ إن أكثر من نصف ممثلي هذا الجيل هم من النساء.
وكان الطبيب المخضرم خوان رامون ماشادو، قد انتخب ـــ في ما شكَّل نوع من المفاجأة ـــ لملء المواقع التي كان يحتلُّها راوول سابقاً أي نيابة رئاسة مجلس الدولة والحكومة.
وشكَّل انتخاب ماشادو ـــ الذي شارك في حرب العصابات ومعروف عنه أرثوذكسيّته العقائدية ـــ في موقع نائب الرئيس مفاجأة. إذ كانت أكثرية المراقبين تنتظر أن يحتل الطبيب الخمسيني كارلوس لاخي دافيلا هذا الموقع.
ولفهم دلالة هذا التغيير، ينبغي انتظار تعيين مجلس الوزراء، بعد أن طلب راوول تأجيل تأليف الحكومة لاجتماع لاحق لإعطاء هذه العملية «حقها كاملاً وعدم إخضاعها لطقوس شكلية».
ومن اللافت في موضوع انتخاب ماشادو أنه لم يحصل إلا على 601 صوت من أصل الناخبين الـ609، فيما نال الباقون جميعهم 608 أو 609 من الأصوات!
وبدأ راوول كاسترو خطابه الأول كرئيس منتخب بتحديد طبيعة المهمة التي «أوكلَنا بها الشعب: الاستمرار في تقوية الثورة في حقبة تاريخية تطلّب منا أن نكون جدليين وخلّاقين». وأعلن قبوله هذه المسؤولية، مع التأكيد أن «قائد الثورة هو واحد لا غير... فيديل هو فيديل ولا مجال للإحلال محله... وفقط الحزب الشيوعي ككل يستطيع أن يخلفه». وطلب من المجلس أن يوافق على أن يستشير فيديل في القضايا الاستراتيجية «تحديداً سياسة الدفاع والسياسة الخارجية والمسائل المتعلقة بالنموذج الاقتصادي والاجتماعي». وتابع راوول أن الدولة صارت «بحاجة إلى هيكلية مرصوصة ووظيفية، ما يتطلب تقليص مؤسسات الإدارة المركزية... من أجل إدارة أكثر فاعلية لحكومتنا».
وأردف راوول أن وجود حزب واحد يفرض «أن يكون هذا الحزب أكثر ديموقراطية من أي حزب آخر»، داعياً إلى عدم التخوُّف من وجود خلافات على المواضيع لأن «مقارنة آراء متمايزة، فقط، سيسمح بالوصول إلى أفضل الحلول».
ووعد راوول بإعطاء الأولوية لحاجات المواطنين بدءاً بـ«زيادة المواسم الزراعية وتحسين وصولها إلى الأسواق»، وبالاهتمام بذوي الموارد المحدودة، بشكل مواز لمعالجة «تدريجية وحذرة للازدواجية النقدية». وقال الرئيس الكوبي الجديد إن «المبادرة المحلِّية هي في كثير من الحالات فعالة وقابلة للعيش ولا تتطلب بالضرورة قرارات على المستوى الوطني». وختم قائلاً إنه سيباشر «في الأسابيع المقبلة برفع عدد من المحظورات التي لم يعد لها مبرِّر... بدءاً بالأبسط وصولاً إلى محظورات أخرى قد تتطلب وقتاً أطول».