غزة ــ رائد لافي
صبّت قيادات «حماس» وجماهيرها في غزة جام غضبها على السلطة الفلسطينية في رام الله والصمت الرسمي العربي على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة، وحمّلوهما مسؤولية الدم المراق في القطاع


لبّى مئات آلاف الفلسطينيين دعوة حركة «حماس» في قطاع غزة لـ«الانتفاض على الجرائم الإسرائيلية»، وخرجوا في مسيرات غاضبة من المساجد عقب صلاة الجمعة، وسط صيحات تنديد بالتصعيد العسكري الإسرائيلي والصمت العربي الرسمي، في وقت استشهد فيه 3 فلسطينيين، ما يرفع حصيلة مجزرة القطاع خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى 39 شهيداً ومئات الجرحى.
ورفع المشاركون في المسيرات الجماهيرية الحاشدة رايات حركة «حماس» الخضراء، وهتفوا بشعارات غاضبة ضد العدوان الإسرائيلي، فيما نال الرئيس محمود عباس قسطاً وافراً من هتافات الغضب «الحمساوية».
وشن رئيس الوزراء المُقال إسماعيل هنية، في أول ظهور علني له بعد اختفاء لأيام عقب التهديدات الإسرائيلية، هجوماً على عباس وفريقه في رام الله. وقال إن «هذه المرحلة فلسطينياً هي مرحلة تمايز بين فريق وطني يدافع عن أرضه وآخر يبيع الأرض ويقدّم الولاء لإسرائيل وأميركا». وأدان تصريحات أبو مازن في شأن صواريخ المقاومة وربطه رفع الحصار عن غزة بوقف إطلاقها. وقال إن «التصريحات التي تصدر عمن يسمّون أنفسهم قيادات فلسطينية حينما يقال إن الحصار سببه المقاومة وإن القاعدة موجودة في غزة، حينئذ لم يكن أمام العدو إلا أن يستمر في القتل».
وخاطب هنية قيادة السلطة في رام الله قائلاً: «ارتضيتم حياة العبيد ودماء أطفال غزة في أعناقكم. استمروا في لقاءاتكم مع العدو والتنسيق الأمني، فالتاريخ سيحكم عليكم لا لكم»، مشدداً على أن «اغتيال قيادات المقاومة والأطفال في غزة لن يرهب الشعب الفلسطيني وفصائله ولن يثنيه عن مواصلة طريق الجهاد حتى النصر».
ووصف رئيس الحكومة المُقالة التصعيد العسكري الإسرائيلي بأنه «حرب مجنونة»، مشيراً إلى أنه «يأتي بغطاء أميركي وتشجيع من الصمت العربي الرسمي». وقال: «أمام استخدام (إسرائيل) القوة الغاشمة في وجه الشعب الفلسطيني الأعزل، يجب القيام بتحرك عربي وإسلامي جاد وفاعل على كل المستويات لوقف العدوان الإسرائيلي وتوفير الحماية لشعبنا»، مطالباً «الإدارة الأميركية بالكف عن توفير الغطاء الظالم لدولة الاحتلال الإسرائيلي، الذي بموجبه يقتل الشعب الفلسطيني». وحثّ الشعب الفلسطيني على الصمود والصبر في وجه التصعيد العسكري الإسرائيلي، مشدداً على أن «الهجمة الإسرائيلية ستبوء بالفشل الحتمي».
بدوره، شدّد القيادي في «حماس»، النائب خليل الحيّة، على أن الحركة «ستواصل تمسّكها بخيار المقاومة والحقوق الفلسطينية، ولو كلّفها ذلك استشهاد القادة أو أبناء القادة». وقال، في كلمة أمام آلاف المتظاهرين في باحة المجلس التشريعي في غزة، «يريدون أن يحولوا القضية الفلسطينية إلى قضية رغيف خبز وقرص دواء، ولكن أبناء فلسطين يأبون ذلك، لأن قضية فلسطين هي قضية الأمة والشعب والقدس والحقوق»، مشدداً على أن «قوة المقاومة ستتصاعد في الرد على الاحتلال». وأضاف: «يريدون أن يؤلّبوا أهالي غزة على حماس والمقاومة، ولكنهم لا يعرفون أن حماس أصبحت كل غزة وكل غزة أصبحت حماس».
واتهم الحيّة عباس ومن وصفهم بـ«المربع الأسود» في رام الله بإعطاء «الضوء الأخضر للاحتلال لارتكاب مجازره في غزة ليغطّي فشله المتكرر في شتى الأمور». ووجه حديثه إلى وزير الإعلام في حكومة رام الله رياض المالكي، الذي نعت صواريخ المقاومة بـ«الغبية»، قائلاً: «إلى المالكي الذي يتباكى على المدنيين الإسرائيليين، ألم ترَ أطفال فلسطين في غزة يُقتلون أيها الغبي؟». ودعا الأمة العربية والإسلامية إلى أن تتحرك لنصرة الشعب الفلسطيني وأن تصحوا من الغفلة. وقال: «هل تريدون أن تروا غزة تذبح لكي تبدأوا بالتيّقظ».
ميدانياً، عادت قوات الاحتلال إلى أسلوب إنذار ذوي الشهداء من فصائل المقاومة عبر اتصالات هاتفية بإخلاء منازلهم تمهيداً لقصفها جواً، بينما أقام الفلسطينيون «دروعاً بشرية» لحماية هذه المنازل من التدمير.
واستشهد، أمس، ثلاثة فلسطينيين، بينهم مسنّة وأسير وشاب، وأصيب أربعة آخرون بجروح متفاوتة، في وقت واصلت فيه الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها الجوية.
وأعلنت مصادر طبية عن استشهاد المسنّة فاطمة القرعاوي (72 عاماً) جرّاء إصابتها بنوبة قلبية، وإصابة أربعة آخرين بجروح متوسطة، عقب قصف جوي إسرائيلي في محيط منزلها في مخيم جباليا للاجئين، شمال القطاع.
وفي وقت سابق، استشهد علاء البورنو (22 عاماً) متأثراً بجروحه الخطرة، التي أصيب بها الخميس خلال قصف جوي نفذته طائرة حربية إسرائيلية في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة.
وأعلنت مؤسسة تعنى بحقوق الأسرى وعائلة شاهين في غزة، أمس، عن استشهاد الأسير فضل عودة شاهين (47 عاماً) داخل سجن بئر السبع الإسرائيلي جرّاء منع إدارة مصلحة السجون منحه العلاج اللازم.
وفي إطار ردود الفعل العربية، أعلنت مصادر في القاهرة أن مدير المخابرات اللواء عمر سليمان قرر إلغاء زيارته إلى تل أبيب احتجاجاً على المجازر الإسرائيلية في غزة. وأضافت أن «الزيارة لم يعد لها محل من الإعراب في ظل التصعيد الأخير لقوات الاحتلال الإسرائيلية».
إلى ذلك، رأى وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، أن التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة خطير ويهدد بنسف جهود التهدئة التي تجريها مصر مع الأطراف المعنية، مطالباً إسرائيل بالوقف الفوري للعمليات التي تقوم بها. وقال إن العمليات العسكرية الإسرائيلية هي «استخدام مفرط للقوة من جانب سلطات الاحتلال العسكرية وبشكل يصيب المدنيين ويسقط منهم ضحايا أبرياء». وحث «الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على ضبط النفس والتوقف عن أي أفعال أو إجراءات تصبّ في خانة استمرار المواجهات العسكرية».