واشنطن ــ محمد سعيد
اختتم المتنافسون على بطاقات الترشّح للرئاسة الأميركيّة أمس حملاتهم الانتخابيّة، عشيّة أوّل انتخابات تمهيديّة ستجرى اليوم في ولاية أيوا، بخطب ومناشدات لاسترضاء الناخبين، مع تخفيف واضح في نبرتهم الهجوميّة على الخصوم، في وقت تشير فيه الاستطلاعات وآراء الخبراء إلى أنّ النتائج ستكون متقاربة، خاصّة بين المتنافسين الديموقراطيّين الثلاثة الأوائل، هيلاري كلينتون وباراك أوباما وجون إدواردز.
وعمد المتنافسون إلى تجنّب الخطاب السلبي الذي اتسمت به الحملة خلال الأسابيع الأخيرة، حيث بدت نبرة كلينتون وأوباما وإدواردز، بل والجمهوري مايك هاكابي، أكثر «لطفاً»، حتّى أنّ الأخير أعلن تراجعه عن حملة إعلانية مضادّة كان قد صمّمها للردّ على الجمهوري الآخر ميت رومني، الذي انتقده بشدّة في الأيّام الأخيرة بعدما بدأ نجم هاكابي يصعد وينطلق إلى مقدّمة المنافسين.
ويتوجّه اليوم أكثر من 135 ألف ناخب ديموقراطي و85 ألف جمهوري في ولاية أيوا إلى مراكز التصويت. وأكثر ما يخشاه المتنافسون هو تقاعس ما يُطلَق عليهم «الفئة الصامتة» عن المشاركة في الاقتراع، وهو ما حذّر منه أوباما أوّل من أمس، بحيث بات يتصدّر استطلاعات الرأي بين الديموقراطيّين في الولاية، علماً أنّ نحو نصف الناخبين لم يحسموا اختيارهم بعد.
أمّا كلينتون، فقد حثّت الناخبين في الولاية مساء أمس على «القيام بالخطوة الأولى نحو تغيير مسار الولايات المتحدة» بالتصويت لها في تجمّعاتهم الانتخابية.
وقد توالت على هواتف الناخبين في أيوا، المكالمات من كلّ حملة لحثّهم على التصويت للمرشّحين، بينما اعتلى كل واحد من المتنافسين أحد المنابر في مختلف أنحاء دي موين (عاصمة أيوا) ليخطبوا ويعدّدوا مزاياهم ويؤكّدوا أنهم الأجدر بالرئاسة والأقدر على الفوز بها. وعكست كثافة الحضور لهذه التجمّعات الخطابية مدى الزخم الذي اكتسبته حملة الديموقراطيّين بالمقارنة مع الرتابة النسبيّة التي اتسمت بها حملة الجمهوريّين.
ففي التجمّع الذي خطب فيه جوزيف بايدن، وهو من بين من يأتي في ذيل قائمة المتنافسين الديموقراطيين في استطلاعات الرأي، حضر أكثر من 500 شخص للاستماع إليه، وهو ما يزيد على أكبر تجمّع لمن يتصدّرون قائمة المتسابقين الجمهوريين في استطلاعات الرأي. وكانت حملة أوباما الأكثر جاذبية بين المتنافسين الديموقراطيّين، خاصة بعدما حصل على دفعة إضافية من أحد خصومه السابقين، النائب دينيس كوسينيتش، الذي طالب أنصاره وأتباعه بأن يكون أوباما هو الخيار الثاني لهم، إذا لم يستطع هو الحصول على النصاب الكافي للاستمرار في السباق حيث يتطلّب ذلك الحصول على 25 في المئة في الجولة الأولى.
وقد وضعت استطلاعات الرأي رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني في ذيل قائمة الجمهوريّين حيث لم يتجاوز عتبة الخمسة في المئة من أصوات ناخبي أيوا.
وقد أمضى المتنافسون لياليهم الأخيرة في أيوا يغازلون الناخبين. فأوباما، أشار إلى زوجته ميشيل بلقب «سيدة أميركا الأولى المقبلة». أمّا هاكابي، فراح يعزف البيانو أمام جمهور أشهر البرامج الكوميدية في أميركا. بدورها، أحضرت كلينتون والدتها البالغة من العمر 80 عاماً وابنتها تشيلسي. كذلك خطب إدواردز في جمهوره وبجواره زوجته وطفلاه في محاولة لحشد الطبقة العاملة والمتوسّطة للذهاب إلى التصويت. ولم ينسَ إدواردز الدعوة إلى سحب القوات الأميركية من العراق.
ويعوّل المتنافسون كثيراً على هذا الاقتراع، نظراً لأنه غالباً ما يكون مؤشّراً لمن سترسو عليه قرعة الاختيار للترشّح للرئاسة. واقتراع أيوا هو من أهمّ الانتخابات التمهيدية في تاريخ الانتخابات الأميركية، حتى أن «جيشاً» يضمّ نحو 2500 صحافي توافد إلى الولاية على مدى اليومين الماضيين لتغطية هذه الانتخابات. وسيشجّع عدم حسم انتخابات أيوا التمهيديّة بفوارق واضحة، المتنافسين الديموقراطيّين على الذهاب لانتخابات نيوهامبشر التمهيدية التي ستجرى في 8 من الشهر الجاري، وهم أكثر حماسةً. ويعتقد معظم المتنافسين أنّ الفوز في أيوا وهامبشر يبشّر غالباً بالقدرة على اكتساح الانتخابات التمهيدية التي ستجرى في نحو 20 ولاية أخرى في 5 شباط المقبل.