strong> بول الأشقر
انهارت «عملية إيمانويل»، التي كانت تقضي بالإفراج عن ثلاثة رهائن كولومبيين، مثل صرح من ورق في الساعات القليلة التي سبقت وتلت عيد رأس السنة.
بالعودة إلى التفاصيل، وصل مساء الأحد إلى مطار فيلافيسينسيو وزير خارجية فنزويلا نيكولا مادورو، ولحق به في اليوم التالي الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي في إشارة حاسمة إلى أن عملية الإفراج خرجت من السيناريو المكتوب. لكن أوريبي عقد في وقت لاحق مؤتمراً صحافياً صاخباً، اتهم فيه منظمة «الفارك» الثورية المسلحة بـ«الكذب على العالم أجمع»، نافياً أن تكون ظروف المناخ «الجيدة كما ترون» أو العمليات العسكرية «الوهمية» هي التي تحول دون تسليم الرهائن.
ورأى أوريبي أن «التأخير سببه كون الفارك غير قادرة على تسليم الرهائن الموعودة لأنه يبدو أن الطفل ليس بحوزتها». وأثار الرئيس الكولومبي «فرضية» وجود طفل مشابه لإيمانويل ـــــ ابن الرهينة كلارا روخاس ـــــ في مؤسسة رعاية اجتماعية في العاصمة، تسلمته المؤسسة قبل سنوات ولم يكن قد أكمل بعد سنة من عمره. وقد حاول أحدهم «استعادته من المؤسسة قبل يومين».
من ناحيته، وبعد لحظات من مؤتمر أوريبي، عقد الرئيس هوغو تشافيز بدوره مؤتمراً صحافياً تلا فيه رسالة تلقاها من «الفارك» تؤكد وقف العملية «لعدم تهديد حياة الرهائن» نتيجة كثافة المعارك الدائرة في المنطقة المعنية.
وفي أول تعليق له على «فرضية» أوريبي، قال تشافيز إنه «فجّر العملية» وتساءل ـــــ أسوة بالدكتور جورج يونس، أكبر خبير كولومبي في الفحوصات الجينية ـــــ «لماذا لم يتأكد من فرضيته قبل رميها في المستنقع؟». وأضاف أن «العملية مستمرة بأساليب مختلفة». لكن في اليوم التالي، ولمناسبة رسالة رأس السنة، عاد تشافيز وبدّل لهجته مع أوريبي ودعاه إلى «نسيان كل ما قيل من الطرفين والعمل معاً للسلام في كولومبيا».
إثر هذه التطورات غير المتوقعة، غادر أعضاء الوفد الدولي، وفي مقدمتهم الرئيس الأرجنتيني السابق نيستور كيرشنر إلى دولهم «مستائين»، حسبما ذكرت مصادر متطابقة. ووعدوا «بالعودة الفورية عند الحاجة»، فيما توجهت لجنة طبية كولومبية إلى كاراكاس حيث جمعت عينات جينية من والدة كلارا روخاس وشقيقها لمقارنتهما مع الحمض الريبي النووي الخاص بالطفل.
وستحدد نتائج الفحوص الطبية خلال الأيام المقبلة على من تقع مسؤولية الفشل: إمّا على الفارك إذا كان الطفل هو إيمانويل ـــــ الذي يُنقل عن زعيم «الفارك» مانويل مارولاندا قوله «نصفه لهم ونصفه لنا» ـــــ أو على أوريبي إن لم يكن الطفل إيمانويل.
مهما يكن، للمرة الثانية على التوالي، وفي أقل من أربعين يوماً، ينجح أوريبي في اللحظة الأخيرة في تعطيل مساعي تشافيز مع «الفارك»: المرة الأولى عندما ألقى القبض على حاملي «دلائل الحياة» التي كانت ترسلها «الفارك» لتشافيز، والآن بـ«فرضية» الطفل اللقيط.
وفي تعليق ساخر على خاتمة العملية، كتبت مجلة «سيمانا»: «كان من المفترض أن تحدد عملية إيمانويل معالم الطفل. أما الآن فصارت معالم الطفل هي التي ستحدد مصير العملية: إذا تبيّن أن الطفل هو إيمانويل، فهناك احتمال تقارب بين الرئيسين. أما إذا تبيّن العكس، فتوقعوا... الحرب بينهما!»