القاهرة ــ خالد محمود رمضان
طالب طهران ودمشق بوقف التدخّل في لبنان... وجدّد «تفاؤله» بعقد اتفاق سلام


أنهى الرئيس الأميركي جورج بوش، أمس، جولته الشرق أوسطية الأولى، بزيارة دامت ثلاث ساعات إلى منتجع شرم الشيخ، حيث التقى الرئيس المصري حسني مبارك، واكتفى بإشارة خجولة إلى ملف الإصلاح السياسي في مصر، بينما تجاهل البرنامج النووي الإيراني الذي مثّل أساس زياراته إلى دول الخليج، ليركز على لبنان والعراق وعملية السلام.
وانتهز بوش المنصة المصرية، ومبارك إلى يساره، لكي يطالب كلاًّ من سوريا وإيران بوقف التدخل في سياسة لبنان ويدعو دول المنطقة إلى مساندة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة. وقال، في مؤتمر صحافي مع مبارك اقتصر على إلقاء كلمتين معدّتين سلفاً من دون إتاحة الفرصة لأسئلة الصحافيين، «اتفقنا على أن من المهم أن تدعم دول المنطقة رئيس الوزراء السنيورة». وقال «من المهم تشجيع إجراء انتخابات رئاسية غير مشروطة فوراً طبقاً للدستور اللبناني. وأن يصبح واضحاً لسوريا وإيران وحلفائهما أنه يتعين عليهم إنهاء التدخل والجهود للإضرار بالعملية».
وأشاد الرئيس الأميركي بالخطوات الرامية إلى المصالحة وتعزيز الأمن في العراق، قائلاً إن «الحياة تعود إلى طبيعتها في بغداد والحياة السياسية تمضي قدماً».
وجدّد بوش «تفاؤله» بإمكان التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني ـــــ إسرائيلي قبل نهاية ولايته في كانون الثاني 2009. وقال إنه سيعود إلى المنطقة للاطلاع على مباحثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، واصفاً مباحثاته في إسرائيل والأراضي الفلسطينية بأنها «إيجابية» وقد منحته سبباً للاعتقاد بأن «التوصل للاتفاق سلام أمر ممكن».
بدوره، قال مبارك إن «القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط»، مشدداً على أنها «المدخل الصحيح لاحتواء بؤر التوتر». وأعرب عن أمله التوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية ولاية بوش، مؤكداً أن «حل هذه القضية هو حلّ لجوهر الصراع واحتواء بؤر التوتر والحل لتصاعد أعمال العنف والتطرف والإرهاب». وأوضح أن «المباحثات تناولت الأهمية الاستراتيجية لأمن الخليج ودوله وشعوبه الشقيقة باعتبارها جزءاً من أمن مصر والشرق الأوسط والعالم».
وفيما وجه مبارك الدعوة لبوش لكي يعود مجدداً إلى منطقة الشرق الأوسط ويزور مصر قبل انتهاء العام الأخير من ولايته الثانية، لم يُعلن عن تلقي الرئيس المصري دعوة مماثلة إلى زيارة العاصمة الأميركية واشنطن، التي توقف عن زيارتها منذ شهر نيسان عام 2004.
كذلك تجاهل مبارك وبوش الإشارة إلى مصير المعونات السنوية التي تقدمها أميركا للحكومة المصرية ومستقبلها في ظل الفتور الذي اعترى العلاقات المصرية ـــــ الأميركية أخيراً بعد موافقة الكونغرس على ربط 100 مليون دولار من المعونة لمصر بعدد من الشروط، وهو ما رفضته القاهرة.
وتجاهل بوش أيضاً الإشارة إلى مصير الناشطين السياسيين أيمن نور (معتقل) وسعد الدين إبراهيم (مقيم في المنفى الاختياري) أو إلى الحملة الإعلامية والأمنية التي تشنها السلطات المصرية منذ العام الماضي على جماعة «الإخوان المسلمين».
وفيما بدا أنه بمثابة تراجع عن الضغوط التي اعتادت الإدارة الأميركية ممارستها على نظام مبارك والانتقادات اللاذعة له على مدى العامين الماضيين لتصحيح مسار الإصلاح السياسي في البلاد، حثّ بوش نظيره المصري على السماح بمزيد من الحرية، وأشاد بجهد صحافيين ومدونين وقضاة يسعون للاستقلال بشؤونهم. وقال إن «مثل هذه الأصوات في المجتمع المدني أدّت دوراً ريادياً في نشر الحرية في أكثر الدول العربية سكاناً»، مشيراً إلى «التقدم تجاه انفتاح سياسي أكبر يمارسه المصريون أنفسهم، يقوده صحافيون رواد ومدونون أو قضاة مصممون على الاستقلال».
وغادر الرئيس الأميركي شرم الشيخ عائداً إلى بلاده لينهي جولته الشرق أوسطية، التي واصلت طهران التعليق عليها، إذ رأى وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أنها كانت «فاشلة». وقال، في مؤتمر صحافي مع نظيره الكويتي الشيخ محمد الصباح «إن بوش غاضب وسبب غضبه هو أن مهمته التي جاء من أجلها الى المنطقة باء‌ت بالفشل».
وفي دمشق، رأى وزير الإعلام السوري محسن بلال أن الرئيس الأميركي أعلن خلال زيارته نهاية المبادرة العربية للسلام من خلال «دعوته إلى إلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتجاهل قضية القدس المحتلة وتعديل حدود الأراضي العربية المحتلة عام 1967».
وقال بلال إن بوش «فشل خلال زيارته في تحريض العرب على إيران وإلحاق الضرر بالعلاقات بين طهران وجيرانها في منطقة الخليج، حيث إن الأشقاء في الخليج أدركوا تماماً أن التحريض على بلد جار تربطهم به روابط عديدة ليس لمصلحة المنطقة، ولن يقفوا إلى جانب من يعتدي على هذا البلد الجار والصديق».