القاهرة ــ الأخبار
عاشت القاهرة الشعبية، أمس، حالة من الغليان إزاء الحصار المفروض على قطاع غزة، ولا سيما أن القاهرة الرسمية ضالعة فيه مباشرة جراء إغلاقها معبر رفح الحدودي، الذي عززته بقوات أمن بعد تهديدات للفصائل الفلسطينية باقتحامه، فيما سعى الرئيس المصري حسني مبارك إلى احتواء الحصار عبر اتصالات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك.
وانتشرت قوات أمن على طول الحدود المصرية ـ الفلسطينية، أمس، تحسباً لتهديدات باقتحام الجدار الفاصل في رفح، حيث أمرت السلطات المحلية بإغلاق المحال التجارية في إطار رفع حالة الاستنفار القصوى تحسباً لعمليات نزوح جماعي من غزة.
وفي القاهرة، كان المشهد مثيراً، حيث حاصرت أعداد كبيرة من قوات الأمن المركزي مبنى مجلس الشعب منذ الساعات الأولى للنهار، تحسباً للتظاهرة التي قررها عدد من النواب باتجاه جامعة الدول العربية. وعندما اكتشف النواب أن الأمن يمنعهم هتفوا: «نواب فلسطين محبوسون ونواب مصر محاصرون».
ونظمت القوى السياسية والوطنية مسيرة احتجاج إلى قصر الرئاسة المصرية في ضاحية عابدين في وسط القاهرة للتنديد بالصمت الرسمي العربي والمصري وعدم نصرة الفلسطينيين، فيما انهمك مبارك ووزير خارجيته أحمد أبو الغيط في سلسلة اتصالات هاتفية مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في محاولة لتخفيف حدّة التدهور الراهن في فلسطين المحتلة.
واستضاف المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، محمد مهدي عاكف، في مكتبه، مؤتمراً صحافياً لممثلي القوى السياسية والحركات الشعبية والأحزاب والنقابات المهنية والبرلمانيين والإخوان المسلمين. ودعا إلى «فتح الحدود وإزالة البوابات على المعابر؛ لكي تتدفق قوافل الإغاثة الإنسانية من غذاء وكساء ودواء ووقود وطاقة؛ لنجدة المحاصرين في غزة وتمكين الشعب المصري من إعانة إخوانه بذلك».
وطالب عاكف «بوقف كل التعاملات والعلاقات مع الصهاينة، وسحب السفراء؛ نزولاً على رغبة الشعب، وتحقيقاً لإرادته التي تأبى إلا أن تقاطع هؤلاء المجرمين سفاكي الدماء». ودعا إلى استدعاء السفير المصري من واشنطن للتشاور بشأن الآثار المدمرة لزيارة الرئيس جورج بوش إلى المنطقة ومباركته لأعمال القتل والضغوط.
إلى ذلك، طالبت «حماس» الجامعة العربية باتخاذ قرار «يلزم» مصر فتح معبر رفح الحدودي لإدخال احتياجات الفلسطينيين، متهمة السلطة الفلسطينية بالمشاركة في حصار غزة. وقال القيادي في الحركة، خليل الحية، في كلمة خلال تظاهرة نظمتها الحركة قرب معبر رفح، «نطالب الجامعة العربية بأن يكسروا (العرب) الحصار. نريد قراراً عربياً يطلب من مصر ويلزمها أن تفتح هذا المعبر ليدخل منه كل ما يريده الشعب الفلسطيني».
وأضاف الحية، في كلمة أمام المتظاهرين الغاضبين، «على الأمة أن تتحمل مسؤولياتها... لا تعتب مصر الجارة ولا أمتنا العربية على الشعب الفلسطيني في ما يفعل، ولا تعتب على فصائل المقاومة في ما تفعل، سيفعلون أفعالاً كثيرة. لا يزال في جعبتنا أن نفعل الكثير. لا تضطرونا أن نفعل أشياء لا ترضي الأمة، لكنها ترضي الله».
وطرح رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، في بيان، توجّه وفد رسمي من غزة للقاء القيادة في مصر «للبحث في ترتيبات إدخال المساعدات والاحتياجات لسكان قطاع غزة عبر معبر رفح». وطالب بفتح معبر رفح «فشعبنا لا يحتاج الى الكلمات المنمقة والعبارات الجميلة، ولكن على أمتنا والجامعة العربية تحديداً اتخاذ خطوات فاعلة وآليات لتطبيق قرارهم السابق بكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني».