رام الله ــ أحمد شاكر غزّة ــ رائد لافي

«ضرورة منع حدوث أزمة إنسانية في غزة» كانت جلّ ما توصّل إليه الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت خلال اجتماعهما في القدس المحتلة أمس، وذلك، بينما استمرّ تدفّق الغزّاويّين إلى مصر عبر معبر رفح، في ظلّ تأكيد حركة «حماس» أنّها تلقّت تأكيدات من القاهرة تفيد أنّ أيّ اتفاق لم يتمّ التوصّل إليه بين الجانب المصري والسلطة الفلسطينيّة على كيفيّة إدارة المعابر

كشف مسؤول فلسطيني، لـ«الأخبار» أمس، أنّ الرئيس محمود عباس طالب إيهود أولمرت خلال لقائهما في القدس المحتلة، بتسهيل مهمة الرئاسة والحكومة الفلسطينية بتسلّم معابر رفح وعدم وضع العراقيل أمامهما، إلّا أنّ الأخير ردّ بأنّه لا يمكن إسرائيل الموافقة على وضع كهذا في ظلّ سيطرة حركة «حماس» على القطاع ورفضها المطلق وقف إطلاق الصواريخ المحلية من قطاع غزة تجاه المستوطنات الإسرائيليّة.
وأوضح المسؤول نفسه أنّ أولمرت طالب عباس بالعمل على استعادة قطاع غزة «حتى ولو بالقوّة» ليتمكّن الأخير من بسط سيطرته على كل الأراضي الفلسطينية، ومن ثم يتم الحديث عن المعابر والحواجز. وأشار المصدر إلى أنّ الرئيس الفلسطيني وجّه انتقاداً مبطناً لمصر خلال اللقاء، لأنها سمحت لـ«حماس» بتفجير الحدود مرتين من دون أن تتدخّل وتمنع ذلك.
وقال نائب المتحدّث باسم أولمرت، ديفيد بيكر، إنّ الاجتماع بحث مسألة القطاع المحاصر من دون التوصّل إلى قرار في شأن المعابر. وأوضح، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، أنّ المسؤولين لم يتناولا بتوسّع موضوع المعابر وطلب السلطة الفلسطينية بتولّي المسؤوليّة عليها «لأنّ أبو مازن سيلتقي الأربعاء المقبل الرئيس المصري حسني مبارك من أجل بحث هذا الموضوع معه»، مشيراً إلى أنّ أولمرت وعد عبّاس بأن يتم إدخال البضائع إلى غزّة وعدم المس بإمدادات الوقود والمواد الغذائيّة والأدوية، وأنّهما «تحدّثا عن ضرورة منع حدوث أزمة إنسانيّة في غزة».
أمّا صحيفة «معاريف»، فأشارت إلى أنّ قضيّة الحدود مع مصر احتلت مركز الصدارة في المباحثات التي استمرت ساعتين. وأضافت إنّ أولمرت رفض الاستجابة لمطلب عباس برفع الحصار عن غزة وزيادة كمية الوقود التي تدخل إليها، مشدّداً على أنّ «الضغط على غزة سيستمرّ» ما دام إطلاق الصواريخ مستمراًوبحسب مصادر صحيفة «هآرتس»، فإنّ أولمرت أشار إلى أنّه سيتحدث مع الرئيس المصري، حسني مبارك، في شأن ما يحدث عند رفح، مشدداً على أن «الحياة في غزة لن تكون هادئة ما دامت البلدات (الإسرائيلية) في محيطها لا تجري كما ينبغي». وأوضح لضيفه الفلسطيني أنّ إسرائيل ستتّخذ عدداً من الإجراءات التي من شأنها «المسّ بحكم حماس» في غزة من دون أن تؤثّر على الوضع الإنساني فيها. وشدّد على معارضة إسرائيل فتح عباس حوار مع «حماس»، وهو ما لاقى «آذاناً صاغية» لدى أبو مازن، بحسب مصادر في مكتب أولمرت.
وفي السياق، نفى سفير السلطة الفلسطينية في مصر، منذر الدجاني، لموقع «فلسطين اليوم» على الإنترنت، أن يكون عباس قد رفض دعوة مبارك إلى الحوار، مؤكّداً أن جهوداً تبذل من أجل تهيئة الأجواء السياسية لحوار وطني فلسطيني شامل تكون «حماس» و«فتح» من بين أطرافه.
ويأتي الموقف الفلسطيني بعدما أعلن وزير الخارجيّة المصري أحمد أبو الغيط، الذي تعهّد أنّ بلاده ستتخذ الخطوات اللازمة للسيطرة على الحدود مع غزة في أسرع وقت ممكن، أنّ القاهرة ستوجّه دعوة إلى بعض قيادات «حماس» والقيادة الفلسطينية للحضور إلى القاهرة كل على حدا، وبشكل عاجل، لبحث تنفيذ الإجراءات الخاصة بمعبر رفح حسب الاتفاق الدولي السابق الذي وقّع بين السلطة وإسرائيل والجانب الأوروبي عام 2005.
ولفت أبو الغيط إلى أنّ الموقف المصري يتلخص في نقطتين هما «مسؤولية إسرائيل» عن الانفلات الذي شهدته الحدود بسبب «العقاب الجماعي» الذي فرضته على سكان القطاع غزة من جهة، و«حاجة مصر إلى ضبط خط الحدود مرة أخرى باعتبار أنّ الحدود المصرية لها حرمة».
ومن المقرّر أن يصل الرئيس الفلسطيني ووفد من الحكومة المقالة، كلّ على حدة، الأربعاء المقبل إلى القاهرة، لإجراء مباحثات مع القيادة المصرية بشأن المعابر.
وكانت «حماس» قد نفت أمس ما أعلنه وزير الخارجية في «حكومة الطوارئ»، رياض المالكي، في شأن موافقة مصر على تولّي عباس السيطرة على معبر رفح واستبعاد «حماس» عبر تنفيذ الاتفاق الحدودي الذي جرى التوصّل إليه عام 2005. فقد شدّد القيادي في «حماس»، سامي أبو زهري، على أنّ الحركة الإسلاميّة تلقّت تطمينات من القاهرة بأنّها لم تتوصّل إلى اتفاق مع الرئيس الفلسطيني، مشيراً إلى أن مسؤولين مصريين أبلغوا الحركة الإسلامية أنهم يريدون الوصول إلى ترتيبات جديدة لإدارة حدود غزة مع مصر في محادثات مع «حماس» و«فتح».
إلى ذلك، ذكر بيان رسمي صادر عن الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، أن القيادي «الحمساوي»، محمود الزهار، تفقّد الحدود الفلسطينية ــــــ المصرية أوّل من أمس، للاطّلاع على الأوضاع عن قرب، وقدّم اعتذاراً إلى الشرطة المصرية على بعض الممارسات السلبيّة للفلسطينيين، شاكراً دور رجال الأمن المصريّين. وكانت إسرائيل قد أعلنت أمس استئناف إمداد قطاع غزة بالوقود بشكل محدود، خلال جلسة عقدتها المحكمة العليا الإسرائيلية للنظر في التماس قدمه مركزا «عدالة» و«مسلك ــــــ غيشاه» الحقوقيان في إسرائيل، وطالباها فيه بإصدار قرار يلزم إسرائيل رفع الحصار عن القطاع وعدم منع تزويده بالبضائع، وخصوصاً الوقود.