نيويورك ــ نزار عبود
يصحُّ وصف مشروع القرار المتعلق بتشديد العقوبات الدولية على إيران، الذي رعته «الترويكا الأوروبية» وعرضته أول من أمس على أعضاء مجلس الأمن الدولي، بأنه يقتصر على هز العصا في وجه النظام الإسلامي، من دون أن يحمل أي إضافات على ما شملته العقوبات في القرارين السابقين (1737 و1747).
وعُرضت عناصر القرار، الذي رعته كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وسبق أن وافقت عليه مجموعة (5+1) الأسبوع الماضي، على أعضاء مجلس الأمن في مقرّ البعثة البريطانية في نيويورك، بهدف الحصول على إجماع على المشروع المنتظر طرحه في جلسة رسمية خلال أسبوعين.
وتوصي هذه العناصر بالطلب من أعضاء الأمم المتحدة التفتيش «الطوعي» لشحنات بحرية أو جوّية متجهة إلى إيران استنسابياً، كما توصي بتوخي اليقظة في مراقبة الشخصيات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني والصواريخ البالستية، والعلماء العاملين في هذا الحقل، وإبلاغ مجلس الأمن عن «الحالات المشبوهة»، بمعنى التبليغ عن أي بوادر تدلّ على نشاط عسكري.
ومن الناحية المصرفية أو الرقابة المالية، يتضمن مشروع القرار زيادة الرقابة على الحسابات التابعة لمصرفي «ميللي» و«اعتماد ميللي»، وعلى صادرات الإيرانيين بالنسبة إلى مؤسسات وشخصيات مثل قادة الحرس الثوري، ومراقبة الصادرات التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية.
كما يتضمن المشروع ملاحق لم تقدّمها الدول الثلاث، بانتظار استمزاج آراء الدول الأعضاء.
ومما تقدّم، يتبين أن مشروع القرار غير ملزم ولا يحتوي على عناصر جديدة، بل هي مكمّلة للقرارين السابقين 1737 و1747 الصادرين في 2006 و2007 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن هذا المشروع يهدف إلى إبقاء الضغط على طهران، وهو ما يبدو أن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن متفقة عليه، بسبب عدم امتثال طهران لوقف تخصيب اليورانيوم ومضيها في برنامج الماء الثقيل، وهو من التقنيات التي يمكن أن تُنتِج في مرحلة ما الأسلحة النووية.
من جهته، أكّد المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أنّه «مع إصدار القرار»، مضيفاً: «لكن لدى إيران متسع من الوقت لمراجعة موقفها». وأيّده نائب المندوب الصيني الدائم ليو مينه، الذي قال إن «إعداد القرار سيستغرق أسابيع، وبالتالي قد لا يصدر قبل تقديم الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها الجديد عن تعاون إيران»، المتوقع أن يرفعه المدير العام لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي خلال الاجتماع المقبل لمجلس حكام الوكالة في آذار المقبل.
اتفاق الدول الكبرى لا يعني بالضرورة موافقة باقي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فهناك دول أخرى داخل المجلس تعارض فكرة العقوبات، ولا ترى ضرورة لإصدار قرار جديد، ولا سيما أن القرارين السابقين اتخذا وفقاً لمعلومات مضلّلة، بعدما نفى تقرير الاستخبارات الأميركية ضلوع إيران في أية مشاريع نووية عسكرية منذ عام 2003. كما أعربت طهران أخيراً عن استعدادها للردّ خلال أسابيع على الاستفسارات عن الفترة التي سبقت 2003.
وتساءل مندوب جنوب أفريقيا دوميساني كومالو، بعد الاجتماع، عن مغزى إصدار قرار جديد ما دامت إيران تتعاون مع وكالة الطاقة، التي قال إن بلاده حريصة على ألا يأخذ المجلس دورها «لأن الموقع الطبيعي لمثل هذا الأمر هو في الوكالة».
كذلك تعارض ليبيا وفيتنام وإندونيسيا فكرة تشديد العقوبات. لذلك من المستبعد أن يحقّق القرار الإجماع الذي حظي به القراران السابقان في ظل مجلس الأمن الدولي الجديد.
في المقابل، حذّرت إيران من انعكاس أي قرار في مجلس الأمن على تعاونها مع الدول التي تصوّت مع القرار، ويُفهم من ذلك أن إيران قد تلجأ إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية بحق تلك الدول التي تتمتع بتجارة ضخمة معها، فضلاً عن أن إيقاف ضمانات الصادرات إلى إيران قد تجعل طهران تتوقف عن تسديد المتوجبات عليها بموجب ضمانات سابقة تقدر بعشرات مليارات الدولارات.
من جهة أخرى، ورداً على ما جاء في خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش عن حال الاتحاد، نصح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني، سيد البيت الأبيض بأن «يستفيد من الوقت الباقي من ولايته لمعالجة القضايا التي تقلق شعبه حقاً من أزمة الركود الاقتصادي إلى مشاكل أعصاب الجنود الأميركيين المتشائمين من احتلال العراق».
وكان حسيني قد زار العاصمة البحرينية، المنامة، أمس على رأس وفد من كبار مدراء وسائل الإعلام العامة الإيرانية.
إلى ذلك، يلتقي رئيس مجلس الشورى الإيراني غلام علي حداد عادل، الرئيس المصري حسني مبارك، اليوم في القاهرة، التي وصلها أمس بناءً على دعوة رسمية للمشاركة في اجتماع رؤساء برلمانات الدول الإسلامية.