واشنطن ــ محمد سعيد
بعدما احتفى الرئيس الأميركي جورج بوش، بنجاح استراتيجيّته الحربيّة في العراق في خطابه السنوي الأخير حول «حال الاتحاد» يوم الاثنين الماضي، يبدو أنّّه يعتزم تجميد عمليّات خفض عدد قوّاته المحتلّة إلى ما دون العدد الذي كانت عليه (نحو 140 ألف جندي) قبل تنفيذه لخطّة «إغراق بغداد».
وقامت هذه الخطّة، على إرسال أكثر من 30 ألف جندي إضافي إلى العاصمة العراقية، وهي الاستراتيجية التي نجحت، بحسب عديد من المصادر، في إرساء حالة من الاستقرار الأمني في بغداد على الأقلّ.
وعزا مسؤولون أميركيون قرار سيّد البيت الأبيض إبطاء خفض عدد الجنود قبل شهر تموز المقبل، إلى رغبة منه في توريث خلفه، معضلة التعامل مع بقاء عدد كبير من القوّات الأميركية في بلاد الرافدين.
ويُذكَر أنّ وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أقرّت انسحاباً تدريجيّاً لنحو 30 ألف جندي، تقوم على سحب 5 آلاف عنصر شهريّاً، حتّى نهاية شهر تمّوز المقبل، وذلك عملاً بتوصيات تقرير السفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر وقائد قوات الاحتلال ديفيد بيترايوس، الذي تبنّاه بوش في تمّوز الماضي.
وكشفت مصادر أميركيّة مطّلعة، أنّه، رغم تراجع معدّل العنف في العراق، فإنّ القادة العسكريّين يرغبون في تعليق عمليات الانسحاب، «لتقويم مدى قدرتهم على السيطرة على الوضع بعدد أقلّ من القوّات».
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول عسكري أميركي في بلاد الرافدين قوله، «من المرجّح أن يخوض بيترايوس نقاشاً يدافع خلاله عن هذا الاقتراح، وذلك في الجولة المقبلة لشهادته أمام الكونغرس»، بعد تقديمه تقريره الدوري في شهر آذار المقبل.
وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، وكبار المسؤولين العسكريّين، قد أعربوا عن رغبتهم في استمرار عمليات انسحاب القوات طيلة هذا العام. إلّا أنّ بو، لمّح إلى أنّه سيتّخذ قراراته بناءً على آراء الجنرال بيترايوس. وفي حال موافقة الرئيس على توصيات الجنرال، لن يُقدِم الكونغرس على خفض القوّات لتصبح أقلّ ممّا كانت عليه في شهر كانون الثاني من العام الماضي، أي قبل شهر من بدء تطبيق «الإغراق».
ولا يزال العسكريّون الأميركيون يناقشون مدّة اقتراح التجميد، إذ يرى البعض أنّ فترة 90 يوماً مناسبة، فيما يقول آخرون إنّها يجب أن تكون قصيرة بحيث لا تتعدّى الشهر، لأنّ سحب كتيبة كاملة قد يستغرق 75 يوماً. كما أنّ تجميد عمليات الانسحاب قد يؤدّي إلى بقاء عدد القوات ثابتاً خلال المدّة الباقية من فترة رئاسة بوش، الأمر الذي سيؤدّي إلى تأجيل باقي عمليات سحب القوّات لخليفته في البيت الأبيض.
ويخشى العسكريّون أن يؤدّي الحفاظ على المعدّل الحالي لسحب القوّات (5000 جندي شهريّاً) إلى وضع غير مستقرّ في العراق، بمجرّد تولّي الإدارة الجديدة السلطة في كانون الثاني المقبل.
وفي السياق، يرى قائد القوات الأميركيّة في هذا البلد المحتلّ، ريموند أوديرنو، أنّه «يجب أن تكون هناك فترة تقويم» قبل اتخاذ قرار توقيف خفض القوات من عدمه، مشيراً الى أنّ فترة التوقّف عن سحب الجنود، ستكون ضرورية، لأنّ «تأثير الخفض الحالي للعدد على الجيش والشرطة والحكومة العراقيّة والبيئة الأمنية بشكل عام، لن يظهر على الفور». وأوضح أنّ أيّ انسحاب فوري، سيؤدّي إلى الإضرار بوضع قوّات الأمن العراقية، الذي وصفه بأنّه «هش».