strong>«أنا واثق من أن الناخب حدّد خياراته... صوّتوا لأولئك الذين تثقون بهم... أنا مرتاح لانتهاء الحملة الانتخابيّة»، عبارات أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية في موسكو أمس. استحقاق يخوضه سيّد الكرملين رئيساً لقائمة حزب «روسيا الموحّدة» الحاكم، الذي يُتوقّع الاحتفاظ
بسيطرته على ثلثي مجلس الـ«دوما»

دعا فلاديمير بوتين، إثر إدلائه بصوته أمس، الناخبين الروس إلى التصويت لمن «يثقون بهم». وأعرب، بمرافقة زوجته ليودميلا، عن «ارتياحه»، فيما قام عدد ممّن كانوا في مكتب الاقتراع بالتصفيق له. ومن بين هؤلاء امرأة عجوز قالت له: «شكراً، شكراً على التفكير بنا»، بينما قال له مسؤول في مكتب الاقتراع «عد» إلى الرئاسة، المحرّمة عليه دستورياً، إذ لا يحقّ له الترشّح لولاية ثالثة مباشرة بعد 8 أعوام في الكرملين.
وقالت اللجنة الانتخابية إنّ نسبة الإقبال على التصويت في هذه الانتخابات، الخامسة من نوعها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، ستتجاوز على الأرجح 60 في المئة (من أصل 108 ملايين ناخب)، ما يزيد على نسبة المشاركة في انتخابات عام 2003 بـ4 نقاط.
وأظهرت النتائج الأولية، بعد فرز 12 في المئة من صناديق الاقتراع، أن «روسيا الموحدة» حصد منفرداً 62.3 في المئة من المقاعد. وهذه النتيجة يتوقع أن ترتفع في الساعات المقبلة، مع إعادة توزيع الأصوات التي نالتها الأحزاب التي لم يحالفها الحظ بدخول الندوة البرلمانية، وفقاً للنظام النسبي.
وقال منسّق الفريق البرلماني من مراقبي «رابطة الدول المستقلة»، باقيجان جمعاقولوف، إنّ الانتخابات جرت من دون تسجيل أيّ مخالفات. وأضاف: «يمكننا القول إنّه في المقاطعات التي اختتم فيها التصويت، جرت الانتخابات على مستوى عال جداً». وتابع: إنّ «49 برلمانياً جاءوا من 8 بلدان من رابطة الدول المستقلّة وتوزّعوا على 11 منطقة روسيّة».
إلّا أن «الحزب الشيوعي»، ومنذ منتصف النهار الانتخابي، ندّد بـ«انتهاكات عديدة» شابت العمليّة الانتخابية، مؤكّداً أنّه لم يُسمح لمراقبيه بدخول مكاتب الاقتراع، وأنّ صناديق الاقتراع الجوّالة التي تُنقل من قرية إلى أخرى تفسح في المجال أمام تزوير «مفضوح». وقال زعيم الحزب، غينادي زيوغانوف، إنّ هذه الانتخابات هي «الأقلّ ديموقراطيّة» في تاريخ روسيا.
وأعلن مسؤول الشؤون القانونيّة في «الشيوعي»، فاديم سولوفييف، أنّ الحزب سيعترض على نتائج الانتخابات، من دون انتظار إعلانها رسمياً بسبب «التجاوزات التي تفوق كلّ حدود»، حسبما نقلت عنه وكالة «ريا نوفوستي» الروسيّة للأنباء.
من جهته، قال المعارض الليبرالي والمرشّح إلى الانتخابات الرئاسية في آذار المقبل، بوريس نيمتسوف، إنّ «هذه الانتخابات هي الأكثر تزويراً في تاريخ روسيا»، فيما أدلى رئيس حزب «روسيا الأخرى»، المرشّح بدوره للرئاسة، غاري كاسباروف، بصوت غير محتسب بعدما كتب على قسيمته الانتخابية اسم حزبه احتجاجاً على «التزوير». وبرّر فعلته هذه بأنّ مقاطعة الانتخابات دليل ضعف، وأنّه بهذه الطريقة «صوّت ضدّ الجميع»، رغماً عن التعديل الذي أُدخل على قانون الانتخابات، الذي كان يسمح للناخبين قبل التعديل بـ«التصويت ضد الجميع».
وندّدت منظمة «غولوس»، وهي أبرز منظمة روسية لمراقبة الانتخابات، بضغوط مورست على موظّفي المؤسسات والطلّاب. وقال نائب رئيس المنظمة، غريغوري ملكونيانتس، إن «هذه ليست أفعالاً معزولة، فلقد أُبلغنا بحصولها في سائر أنحاء البلاد».
وفي الخارج، كانت نزاهة الانتخابات الروسية موضع شبهة. وندّدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بـ«القيود» على حريّة التعبير، وأعربت عن أسفها لعدم تمكّن «مراقبي منظّمة الأمن والتعاون في أوروبا من المشاركة في هذه الانتخابات».
ويشارك في هذه الانتخابات 11 حزباً سياسياً. وقد ضمّت قوائم المرشّحين 4600 مرشح، حيث تنافس 10 مرشّحين تقريباً على كلّ مقعد من مقاعد مجلس الـ«دوما» الـ450. والأحزاب التي تمتلك أملاً بتخطّي نسبة الـ7 في المئة من التأييد لدخول الـ«دوما» هي «الشيوعي» (بين 7 و14 في المئة)، و«الحزب الليبرالي الديموقراطي» (قومي متشدّد مؤيّد للكرملين، حوالى 7 في المئة). وكشفت الاستطلاعات أنّ الأمل ضعيف لأحزاب: «روسيا الصحيحة» (اشتراكي مقرّب من الكرملين)، و«وطنيّو روسيا» اليساري، و«اتحاد القوى اليمينية» الليبرالي المعارض، و«يابلوكو» الإصلاحي المعارض، و«الحزب الديموقراطي الروسي»، و«حزب الفلاحين الروسي»، و«حزب العدالة الاشتراكية، و«القوة المدنية».
وذكرت وكالة «نوفوستي» الروسيّة للأنباء أنّه خُصّص 4.3 مليارات روبل للتحضير للانتخابات وإجرائها، أي ما يفوق بنحو 1.5 مليار روبل الموارد المالية التي خصّصت للانتخابات المماثلة عام 2003، علماً بأن الدولار الأميركي يساوي نحو 24 روبلاً روسياً. ويقوم بحفظ الأمن نحو 300 ألف شرطي و150 ألف عنصر من قوّات الأمن الداخلي. وقام بحراسة مكاتب الاقتراع أكثر من 70 ألف شرطي.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، د ب أ)