الدوحة ــ الأخبار
بدا واضحاً تجاهل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد،في خطابه أمس أمام قمة مجلس التعاون الخليجي، الأزمات الكبرى العاصفة في المنطقة، من الحروب الطاحنة في العراق والحشد الأميركي والأزمة النووية الإيرانية وقضية الجزر الإماراتية الثلاث ولبنان وفلسطين، وتركيزه في المقابل على التعاون بين هذه الدول الخليجية وإيران

فاجأ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الحاضرين في قمة دول مجلس التعاون الخليجي الست التي تعقد في الدوحة، حين دخل قاعة المؤتمر ممسكاً بيدي الملك السعودي عبد الله وسلطان عمان قابوس بن سعيد. كذلك فعل في خطابه أمام القمة، الذي مثّل سابقة في تاريخ المجلس الخليجي، عندما تجنّب جميع القضايا الخلافية وركز على ضرورة تأسيس اتفاقية أمنية وأخرى اقتصادية بين دول الخليج وإيران.
وافتتح أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني القمة، في كلمة أكد في خلالها ضرورة زيادة العناية والاهتمام بالبحث العلمي، باعتباره من الأسس الرئيسية للتنمية والتقدم مع ما يتطلّبه ذلك من حفاظ على الأمن والاستقرار لكل الدول المطلّة على الخليج، مشدداً على أن الأمن والتنمية وجهان لعملة واحدة.
وإذ تحدث أمير قطر عن الأزمات القائمة من الملف النووي الإيراني الى حشد الجيوش والأساطيل وما يجري في العراق ومظاهر القلق من الوضع في باكستان ومن بؤر الإرهاب، فهو أشار أيضاً الى الأزمات المزمنة المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وأراض من سوريا ولبنان.
كما تحدّث حمد عن الثروات التي تنعم بها دول المنطقة ودورها في التنمية والتقدم. وقال «نريد أن يتفهم الجميع ولمصالح الجميع أن هذه المنطقة تستحق المحافظة عليها أمناً وسلاماً، وإن إدراكنا لأسباب الأزمات وخلفياتها يجعلنا نتمنى على جميع المهتمين بالشأن إقليمياً ودولياً مراجعة أنفسهم قبل فوات الأوان لأن المطالب المتنازعة لا تخدم أهدافها من خلال التخويف المتبادل أو الإقدام على مخاطر غير محسوبة».
وقال أحد المشاركين في المؤتمر إن كلمة أمير قطر أشارت مباشرة وبوضوح الى عناصر القلق الفعلية لدى دول الخليج. وأوضح أن «دول الخليج تعيش كابوساً مزدوجاً، الأول وهو التعايش بجنب دولة ايران النووية، والثاني تحمّل تبعات الحرب الأميركية على إيران».
أمّا نجاد فقد شدّد، من جهته، على أهمية إيجاد إطار للتعاون بين «دول الخليج السبع». وهو يقصد دول مجلس التعاون الست (السعودية والكويت وقطر والإمارات والبحرين وعمان) إضافة الى إيران.
وقدم نجاد، الذي تعمّد خلال خطابه ذكر اسم الخليج الفارسي مرات عديدة، جملة من المقترحات الى القمة الثامنة والعشرين لدول مجلس التعاون، وهي «تأسيس منظمة للتعاون الاقتصادي وإلغاء تأشيرات السفر بين الدول السبع لتسهيل تنقّل المواطنين وتطوير الروابط الاقتصادية، والتشجيع على الاستثمارات، والاستثمار المشترك في قطاع النفط والغاز، والتخطيط لإقامة تجارة حرة بين دول الخليج الفارسي».
كما أعلن نجاد استعداد بلاده لسد «احتياجات الدول الشقيقة في الخليج من مياه الشرب والغاز الطبيعي».
واقترح كذلك تنشيط ممر شمال ـــــ جنوب باعتباره يؤدي دوراً مهمّاً في توسيع التجارة وتمتين العلاقات وإحلال السلام والأمن في المنطقة. كما أعلن استعداد إيران لنقل الطاقة عبر هذا الممر باستثمارات مشتركة من جانب دول المنطقة.
واقترح نجاد توسيع السياحة وتشجيع رعايا الدول السبع على السفر في ما بينها، والتعاون على مساعدة الدول الإسلامية والدول الفقيرة، وعقد اتفاق أمني وتأسيس منظمة للتعاون الأمني، مشيراً الى أن «أمن دول الخليج الفارسي متشابك وأن التوترات الأمنية المحتملة في أي مكان في المنطقة سيؤثّر على باقي الدول».
واقترح نجاد كذلك وضع الإنجازات العلمية والتقنية، التي حققتها ايران في المجالات الصناعية والزراعية والطبية والصحة والطاقة والتقنيات الحديثة، في تصرف الدول الخليجية.
وقرأ المتابعون في خطاب أمير قطر دعوة الى توسيع إطار الحوار الذي يمكن أن يجنّب المنطقة المواجهة العسكرية، التي يمكن أن تأتي على كل شيء.
وكان حمد قد قاد مغامرة دعوة الرئيس الإيراني الى حضور القمة، التي قال كثيرون إنها أغضبت الأميركيين، الذين ربما كانوا يأملون موقفاً من قمة مجلس التعاون يتفهّم برنامج العقوبات على إيران.
ونُقل عن وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد قوله إن نجاد هو من طلب المشاركة في القمة، وإن أمير قطر شاور بقية قادة دول مجلس التعاون ولا سيما الرئيس الإماراتي خليفة بن زايد آل نهيان، وإن الجميع رحب بالمشاركة على أمل أن يعلن خلالها الرئيس الإيراني موقفاً «يطمئن» دول المنطقة الى أن بلاده لا ترغب في التصعيد، وأنها لن تكون عامل قلق لدول المنطقة.
لكن مصادر أخرى قالت إن أمير قطر أراد فتح باب الحوار مباشرة، وإنه حصل على دعم الملك السعودي خلال آخر زيارة له الى الرياض، وإنه ناقش برنامج نجاد من خلال محادثات جرت بين رئيس حكومته ووزير خارجيته حمد بن جاسم وبين القيادة الإيرانية، وهو يتطلع لأن تكون مشاركة الرئيس الإيراني مدخلاً لحوار مع إيران يجنّب المنطقة ويلات الحرب.
ورغم أن الإمارات أصرَّت كما هي العادة على عدم تجاهل ملف الجزر موضع النزاع بينها وبين إيران في أي محادثات مع نجاد، أو في مقررات القمة، فإن اجتماعاً عقد بين الرئيسين الإيراني والإماراتي، قال مطلعون إنه كان عاماً وإيجابياً، وتخلّله بحث في سبل تطوير العلاقات بين البلدين، من دون الإشارة مباشرة الى أزمة الجزر.
ورأى البعض في مقترحات نجاد نزعة فوقية تشير إلى أن إيران تملك الآن القوة الأكثر نفوذاً في المنطقة، وأنها تريد لدول مجلس التعاون التعامل معها على هذا الأساس، إلا أن تجاهل نجاد للأزمات الكبيرة من ملف بلاده النووي الى أزمة العراق دلَّ على عدم رغبة طهران في جعل هذه العناوين موادّ للبحث مع دول الخليج، بل ربما هو أراد القول إنها خارج النقاش، علماً أن شكل الحضور الإيراني في المؤتمر دلَّ للمرة الأولى على الغياب الهائل لدور العراق. كما أن نجاد أراد الإشارة مباشرة الى أن آفاق التعاون في المجالات الاقتصادية بين بلاده ودول مجلس التعاون تمثّل أساساً للعلاقات المستقبلية، وهو أمر أثار ريبة بعض الحاضرين وخصوصاً عندما دعا الى فتح الحدود، وإلغاء تأشيرات الدخول والتعامل التجاري الحر من حق الاستثمار والتملك وخلافه، وصولاً الى دعوته إلى تعزيز «السياحة النزيهة» التي أثارت ملاحظات من نوع آخر باعتباره نقداً قاسياً من جانب دولة إسلامية للدول الإسلامية التي تسمح بسياحة مصدرها الغرب على ما قال إيرانيون مرافقون للرئيس الإيراني.



لا «فك» ربط للعملات الخليجية بالدولار!

قال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، للصحافيين أمس، إن قادة دول مجلس التعاون الخليجي المجتمعين في قمة الدوحة لن يتخذوا قراراً بفك ربط عملات دولهم بالدولار خلال هذا الاجتماع. وأضاف إن بلاده ستقوم بذلك بعد التشاور مع الدول الأعضاء في المجلس.
وقال وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله، في حديث لصحيفة «الشرق» القطرية، إن هناك من يعتقدون أن أزمة الدولار مؤقتة وستنتهي خلال بضعة أشهر.
وأضاف إن «هناك من يرون أن من الضروري فك ربط عملات الخليج بالدولار واستبداله بسلة عملات كما فعلت الكويت».
وقال مسؤول من مجلس التعاون لوكالة «رويترز»، إن مسودة البيان الختامي للقمة التي تنتهي اليوم، أغفلت ذكر الأمر برمته. وقال المسؤول، الذي اطّلع على المسودة الأولية للبيان الختامي للقمة، إن «البيان لا يشير بأي شكل إلى انخفاض الدولار».
والسعودية أكبر اقتصاد عربي وأكبر دول الخليج سكاناً شهدت عجزاً في الميزانية في تسعينات القرن الماضي، وتخشى من أن رفع قيمة عملتها قد يخفض من قيمة إيرادات النفط مقوّمة بالريال.
(ا ف ب، رويترز)