strong>بول الأشقر
في خطوة أراد لها أن تمثّل خرقاً في المفاوضات المقطوعة بين الحكومة الكولومبيّة ومجموعة الـ«فارك» منذ أن أنهى الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي الوساطة التي كان قد كلّف بها نظيره الفنزويلي هوغو تشافيز، دخل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على الخط من خلال رسالة متلفزة وجّهها بصفته الرسميّة إلى زعيم المجموعة المسلّحة، مانويل مارولاندا، طالبه في خلالها بالإفراج عن الفرنسيّة ـــــ الكولومبية إنغريد بيتانكور، قبل عيد الميلاد بشكل أحادي «كي لا يحمّل ضميره أي سوء قد يصيبها».
وذكّر ساركوزي الزعيم الثائر بأنّ «أيّ قضيّة لا تصل إلى مبتغاها على حساب الكرامة الإنسانية». كما وجّه رسالة إذاعيّة إلى بيتانكور وعدها فيها بأنّه لن يوفّر جهداً لإطلاقها، طالباً منها «ألّا تستسلم لليأس».
في التعليقات الأولى على مبادرة سيّد الإليزيه، أبدى أوريبي، الذي كان قد طالب قبل أيّام بمشاركة ساركوزي في المفاوضات، «ترحيبه بها» وموافقته على الأسلوب المعتمد، فيما أتى الردّ الأوّلي للـ«فارك» عبر وكالة «أناكول»، «متحفظاً» ومطالباً ساركوزي بـ«مزيد من الحياديّة» ومؤكّداً أنّ التبادل الإنساني يتطلّب «الإفراج عن معتقلي الطرفين لا من طرف واحد».
ويُنتظر أن يتوجّه في الأيّام القليلة المقبلة الوفد الكولومبي المسؤول عن التفاوض للاجتماع بمسؤولين فرنسيّين، فيما يرجّح أن يقوم الفرنسيّون الآن بمفاوضات تمهيديّة مع الممثّل الخارجي للـ«فارك» رودريغو غرانجا.
المحلّلون في كولومبيا يتشكّكون في أن يكون لنداء ساركوزي أيّ أثر سريع على الكباش بين أوريبي والمجموعة المسلّحة. ويذكّرون بأنّه سبق للأخيرة أن رفضت قبل سنوات طلباً من الرئيس الكوبي فيديل كاسترو للإفراج عن أحد رهائنها كي يلتقي ابنه المصاب بالسرطان. فاللعبة، كما يفهمها مارولاندا، الحذر، لا تتضمّن «هدايا مجانيّة» وخصوصاً في هذه المرحلة التمهيديّة.
والإفراج عن بيتانكور، وهو ما يحرّك فرنسا حقيقة، لن يحدث إلّا لدى إنهاء الصفقة أو في أحسن الأحوال في مرحلة متقدّمة منها. وما حدث حتى الآن هو أن ساركوزي، الشبيه بأوريبي بأفكاره وتصرفاته، قدّم أوراق اعتماده للتدخّل في مسألة التبادل الإنساني.
في هذا الوقت، وفيما يأمل أولاد بيتانكور خيراً من مبادرة ساركوزي، توجّهت والدتها، المتشكّكة أصلاً في رغبة أوريبي في التوصّل إلى «تبادل إنساني» بشروط واقعيّة، إلى الأرجنتين بعدما كانت قد أعربت في كاراكاس عن تضامنها مع تشافيز وأكّدت له «أنّها لا تثق إلّا بجهوده».
ويرى عدد من المراقبين، الذين يتقنون نمط تعاطي الـ«فارك» مع عامل الوقت، أن المهمّ هو التأكّد أوّلاً من أنّهم لا يزالون يتفاوضون مع أوريبي بعد إنهائه وساطة تشافيز. وأحد الأجوبة قد يكمن في إيصال دلائل حياة عن باقي الرهائن الخمسين، كما كانت المنظّمة قد وعدت، قبل نهاية السنة. ويُذكر هنا أنّ الجيش الكولومبي اعتقل، غداة إقصاء تشافيز، 3 أعضاء من الـ«فارك» كانوا يحملون دلائل حياة عن الـ17 رهينة، منهم بيتانكور و3 جنود أميركيين، وكانوا ينوون نقلها إلى فنزويلا.
إيصال هذه الدلائل قبل نهاية العام قد يعني أن الـ«فارك» لا تزال تفاوض، ووصول الدلائل إلى ساركوزي يعني أنّها قبلته «وسيطاً».