غزة، رام الله، القاهرة ــ الأخبار
مشعـل إلى الريـاض... ومسـاعٍ مصريـة لإعـادة الوساطـة بعـد «الأضحى»

برزت أمس محاولات فلسطينية وعربية لإعادة إحياء الحوار الداخلي الفلسطيني، ولا سيما مع تسريب وثيقة تفاهم بين الطرفين كان قد تمّ التوصل إليها قبل شهرين. إلا أن مصادر من «حماس» و«فتح» سعت إلى التقليل من أهمية الأنباء عن إمكان استئناف الحوار بعد عيد الأضحى، رغم ظهور إشارات إلى ذلك، أهمها زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة الإسلامية خالد مشعل إلى السعودية.
وقالت مصادر رسمية في الحكومة المقالة برئاسة إسماعيل هنية في قطاع غزة، إن الجهود والاتصالات المبذولة حالياً لم تصل بعد إلى مرحلة «النضج»، لإطلاق حوار جدي يقود إلى المصالحة الشاملة بين حركتي «فتح» و«حماس». وكشفت عن أن وسطاء ودولاً إقليمية استأنفت في الآونة الأخيرة جهودها لجمع الحركتين على طاولة الحوار، بناء على إشارات إيجابية صدرت أخيراً عن الرئيس محمود عباس وقيادات في حركة «فتح».
غير أن هذه المصادر نفت لـ«الأخبار» علمها بقرب انطلاق جلسات الحوار بين الفريقين، في ظل وجود نقاط خلافية «جوهرية» بحاجة لمزيد من البحث والتفاهم، أبرزها الطرف الذي سيخطو الخطوة الأولى نحو المصالحة وآلية تنفيذ التفاهمات، ومستقبل الأجهزة الأمنية وصياغتها على أسس وطنية جديدة.
وكان القيادي في «حماس» حسين أبو كويك قد كشف عن أن قياديين من الحركة خاضوا أخيراً لقاءات تشاورية مع عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» رفيق النتشة، في أعقاب جولات من الحوار مع قياديين آخرين في «فتح»، بينهم أعضاء المجلس الثوري اللواء جبريل الرجوب ومحمد الحوراني وقدورة فارس.
وقال أبو كويك إن هذه الجولات من الحوار تمت بموافقة عباس وبتنسيق كامل مع قيادة «حماس» في الداخل والخارج، ونتج منها ورقة تفاهم مشتركة. وأشار إلى أن «لقاءات أخرى ستعقد خلال الأيام المقبلة للبحث في آلية البدء في الحوار وتحديد جدول زمني».
غير أن المصادر الرسمية الحكومية نفسها قالت إن ورقة التفاهم المذكورة «قديمة» وتم التوصل إليها قبل نحو شهرين، وكان من المفترض أن يبدي عباس موقفاً نهائياً منها، غير أن حركة «حماس» لم تتلق رداً في هذا الخصوص، وظلت الورقة «معلقة».
كذلك، نفى المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، وجود أي ورقة تفاهمات، مؤكداً أن الحوار «لم يبدأ حتى نصل إلى تفاهمات مشتركة»، مشيراً إلى أن اللقاءات في الضفة هي «عامة ومحصورة في الوضع الميداني بالضفة».
بدوره، أكد عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، قدورة فارس، وجود لقاء جمعه وقياديين من حركة «حماس» في الضفة الغربية، غير أنه أكد لـ«الأخبار» أن ما يُروَّج عبر وسائل الإعلام «أمر كبير ومبالغ فيه كثيراً».
وقال فارس إن «الذي جرى خلال اللقاءات هو استطلاع للمواقف والآراء، ولم يكن حواراً رسمياً بين الحركتين»، رافضاً في الوقت نفسه الحديث عن موافقة أبو مازن على الحوار. وأضاف: «لدينا رغبة حقيقية في التفاهم والتوصل لاتفاق، لكن لا يجوز أن ننقل ذلك لوسائل الإعلام لتناوله وتعكير الأجواء».
وفي القاهرة، توقعت مصادر مصرية وفلسطينية متطابقة أن يستأنف الوسيط المصري مساعيه الحميدة بين حركتي «حماس» و«فتح» بعد عطلة عيد الأضحى. وقالت إن ممثلين عن الحركتين سيعقدون محادثات منفصلة مع مسؤولين مصريين لدراسة إمكان عقد حوار بينهما.
واشارت المصادر نفسها إلى أن «الوسيط المصري يرغب في حسم الخلافات بين حماس وفتح على نحو يتيح للسلطة الفلسطينية الحصول على تفويض سياسي من الفصائل الفلسطينية كافة في ما يخض عملية السلام الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية».
وفي دمشق، بحث رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، فاروق القدومي (أبو اللطف)، مع بعض قادة الفصائل الفلسطينية «خطة متكاملة» تتبناها الفصائل الفلسطينية وتهدف إلى مصالحة فلسطينية ـــــ فلسطينية.
وذكرت مصادر فلسطينية وسورية لوكالة الأنباء الألمانية أن القدومي اجتمع أمس إلى الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة وبحث معه إمكان الاتفاق على تقريب الفصائل من السلطة وتأليف ما يمكن تسميته «قطباً ثالثاً» بعيداً عن السلطة و«حماس».
وقالت مصادر سياسية سورية رسمية رفيعة المستوى «إن القدومي سيناقش هذه الأفكار مع كل من نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم» اليوم. وأضافت أن «دمشق ستدعم خطة مصالحة فلسطينية لأن الانخراط في المفاوضات مع إسرائيل يجب أن تسبقه وحدة الصف الفلسطيني لئلا تستفرد إسرائيل بأحد الطرفين أو طرف من دون الآخرين».
في هذا الوقت، قالت مصادر فلسطينية في دمشق إن وفداً من حركة «حماس»، برئاسة مشعل، يزور الرياض ضمن جهود لإنهاء الخلافات (الفلسطينية ـــــ الفلسطينية)، وإن هذا الموضوع نوقش مع عباس لدى زيارته الأخيرة إلى السعودية.
إلى ذلك، حذر المستشار السياسي لهنية، أحمد يوسف، من تجاهل الولايات المتحدة لـ«حماس»، مطالباً وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بإعادة النظر في سياسية بلادها تجاه الحركة.
وقال يوسف، في رسالة وجهها لرايس، إن «نظرتنا للعلاقة مع الغرب رغم خلافنا العقائدي هي التعايش والتفاهم، لا التحدي والمواجهة، فنحن لسنا ضد الأميركيين ولا ضد الأوروبيين ولا ضد أحدٍ من العالمين».