strong>استضافت العاصمة البرتغالية، لشبونة، في اليومين الماضيين، القمة الأفريقية ـــ الأوروبية الثانية، التي أبى خلالها الأفارقة أن ينسوا «حال التخلف» التي سببها نهب مواردهم من جانب الاستعمار الأوروبي
استغل الزعيم الليبي معمر القذافي القمّة الأوروبية ـــــ الأفريقة لمطالبة الدول الأوروبية بأن تتحمل مسؤولياتها التاريخية. وقال إن «ماضي أوروبا الاستعماري للقارة هو السبب ويتعيّن عليها أن تدفع الثمن»، مشيراً إلى أن «الهجرة غير المشروعة هي النتيجة المأساوية لهذا الاستعمار». وخاطب الأوروبيين قائلاً «إمّا أن تعيدوا إلينا مواردنا التي سلبتمونا إياها أو تدعونا إلى بلدانكم». وعرضت ليبيا استضافة القمة الثالثة عام 2010.
أمّا الرئيس المصري حسني مبارك، فقد رأى أن نجاح القمة يكمن في «إقامة شراكة حقيقية تقوم على التكافؤ»، وهو ما شدّد عليه أيضاً رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي، الذي قال «لا نريد أبويّة ولكن شراكة متساوية»، مشيراً إلى دور الاستعمار الأوروبي في المشاكل التنموية التي تعانيها القارة السمراء.
دعوات القيادات الأفريقية قابلها تأكيد من جانب الأوروبيين على أن هذه «القمة هي قمة المتساوين». وحثّ المفوض الأوروبي للتنمية لوي ميشال المجتمعين على التطرق إلى جميع الأمور، ومن ضمنها تلك التي يصعب التوصل إلى اتفاق بشأنها كالوضع في دارفور واتفاقات الشراكة الاقتصادية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد.
ولم ينس الزعماء الأوروبيون «الحقبة القاتمة من التمييز العنصري والاستعمار»، لذلك وجدوا في هذه القمة فرصة «لتصحيح هذه المظالم التاريخية»، لكن من دون أن يغفلوا أنهم «دفعوا أموالاً هائلة على مدى عقود»، وخصوصاً بعدما أثار الزعماء الأفارقة مسألة «المسؤولية التاريخية للاستعمار»، رافضين إعطاءهم دروساً من هذه الناحية.
وفي ما يتعلق بالاتفاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، رفض الأفارقة استراتيجية الاتحاد القائمة على الضغط على مناطق ودول أفريقية للتوقيع منفردة على اتفاقات تجارة جديدة. وهاجم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ألفا عمر كوناري الاتحاد الأوروبي قائلاً إن «أفريقيا واحدة وغير قابلة للتقسيم، وإن الجهود الأوروبية للتفاوض مع المناطق والدول كلٌّ على حدة لها جذورها في الماضي عندما قسمت القوى الاستعمارية القارة في ما بينها».
ولم يمرّ حضور رئيس زيمبابوي روبرت موغابي بسلام، إذ انهالت عليه الانتقادات من كل جانب، ولا سيما من ألمانيا، التي اتهمته مستشارتها أنجيلا ميركيل «بالإساءة إلى صورة أفريقيا الجديدة»، مضيفة «لا يجوز أن ندير ظهورنا حين يجري انتهاك حقوق الإنسان». وحثت زيمبابوي على تبني الديموقراطية كي «تنال دعم الاتحاد الأوروبي».
وجاء ردّ موغابي مهاجماً «عجرفة» الاتحاد الأوروبي، وواصفاً أربع دول أوروبية بأنها «عصابة الأربعة»، وهي ألمانيا والسويد والدنمارك وهولندا، باعتبارها مؤيدة لرئيس الوزراء البريطاني غوردن براون. وتوجّه إليها قائلاً «تعتقد أنها تعرف زيمبابوي أكثر من الأفارقة وهذه هي العجرفة وعقدة التفوق التي نكافحها». وتساءل «لماذا لم يأت رئيس الوزراء البريطاني؟ لأن لديه ناطقين باسمه هنا».
ورفض موغابي التدخل في سياسة بلاده قائلاً «نحن نملك الحق في تحديد مستقبلنا وزيمبابوي لن تعود أبداً بلداً مستعمراً».
وفي نهاية القمة، تبنّى ممثلو القارتين الاستراتيجيا التي ستسمح للدول الأوروبية والأفريقية بفتح صفحة جديدة تقوم على «مساواة الند للند» في علاقاتها، وعلى مبادئ «وحدة أفريقيا والتكامل بين أفريقيا وأوروبا». وتتوزع تلك الاستراتيجيا على ثماني عمليات شراكة ذات أولوية يجب إنجازها قبل القمة الثالثة: وهي «السلام والأمن» و«الحكم الديموقراطي وحقوق الإنسان» و«التجارة والاندماج الإقليمي» و«أهداف الألفية للتنمية» و«الطاقة» و«التغيرات المناخية» و«الهجرة وحركية الوظائف» و«العلوم والمجتمع والإعلام والفضاء».
وفي الختام، وصف رئيس الوزراء البرتغالي خوسيه سوكراتس، الذي تتولى بلاده رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، هذه القمة بأنها فتحت صفحة «بيضاء» في تاريخ العلاقات بين القارتين.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، د ب أ)