بغداد ـ زيد الزبيدي
خفتت الأصوات الداعية إلى ضرورة عودة مئات آلاف العراقيّين الهاربين من جحيم بلادهم، بعدما أُشيع عن تحسّن في الوضع الأمني في البلاد، ذلك أنّ الآلاف من العراقيّين عادوا ليجدوا أنّ حساباتهم لم تكن في مكانها المناسب.
فالحكومة كانت قد أعلنت قرارها منح مبلغ مليون دينار (800 دولار)، لكلّ عائلة عراقيّة تعود، إلّا أنّ هذه المبالغ لم يستفد كثيرون منها، لأنّها إمّا مُنحَت لغير المستحقّين، أو هيغير موجودة أساساً، إضافة إلى الشرط الذي وضعته الحكومة بأن يتعهّد متسلمو «التعويض» عدم مغادرة البلاد لثلاث سنوات!
وبحسب شهادات بعض العائدين من سوريا، فإنّ ما دفعهم إلى العودة هو الموقف السوري الذي ضيّق عليهم الدخول والإقامة، إذ لا يحقّ لمن يخرج من سوريا أن يعود إليها إلّا بتأشيرة دخول، تُمنَح لفئات محدّدة (حاملي الشهادات والوفود التجارية)، إضافة إلى أنّ هناك الكثيرين ممّن نفدت نقودهم في الغربة، ولم يجدوا أيّ مصدر للمعيشة، فعادوا ليجدوا أيضاً أنّه لا مصدر رزق لهم، وهم مهدّدون بمخاطر أمنية كبيرة.
ومأساة العائدين تبدو أكبر بكثير ممّا ذُكر، وخصوصاً مع الإشارة إلى مبلغ الـ800 دولار الموعود، حيث وجد معظم هؤلاء أنّ دورهم وممتلكاتهم نُهبَت، ما جعلهم يسخرون من وقوعهم بخديعة العودة؛ فأيّ مبلغ يكفي لتعويض ما تمّ نهبه على مرأى من قوّات الاحتلال، والأجهزة الأمنية التي يتّهمها البعض بالإسهام في عمليّة النهب، ولا سيّما أنّ الكثيرين من أفراد هذه الأجهزة شاركوا في الاستيلاء على ممتلكات مؤسّسات الدولة إثر سقوط بغداد عام 2003.
وقال أحد المهجّرين العائدين إنّه لم يستطع رؤية «أطلال» منزله في شارع ستّين في الدورة، «لأن كل شيء فيه قد سُرق، حتى أبواب الغرف وشبابيكها».
ومعروف أنّ قوات الاحتلال والقوّات الحكوميّة في بغداد، تقوم خلال حملات التفتيش المستمرة بكسر الأبواب المغلَقة للبيوت التي غادرها أصحابها، ثمّ تتركها عرضة للسرقة من الأفراد والميليشيات التي تعمل مع الأجهزة الأمنية المكلّفة حماية المناطق وفرض سيطرتها عليها... وهي خالية ومفرّغة من أهلها.
هذه الوقائع دفعت منظّمات حقوق الانسان إلى دعوة العراقيّين في الخارج إلى التريّث في العودة، مشيرة إلى أنّ الأجدى أن يتمّ العمل أوّلاً على إعادة النازحين داخل الأراضي العراقية، وعددهم يناهز المليونين، قبل التفكير بدعوة المهجّرين في الخارج.