الجزائر ـ حياة خالد
لم تكد السلطات الجزائرية تلملم أشلاء ضحايا اعتداءي أول من أمس اللذين استهدفا قلب عاصمتها، حتى أطلقت حملة سياسية هدفها تأمين ولاية ثالثة للرئيس عبد العزيز بو تفليقة

لا تزال العاصمة الجزائرية تعيش وقع صاعقة تفجيرات أول من أمس، التي استهدفت مقر المجلس الدستوري ومكتبين للأمم المتحدة، موقعة 32 قتيلاً على الأقل، بينهم 17 يعملون في مكتب المنظمة الدولية، مع تواصل عملية البحث عن الجثث تحت الأنقاض.
ولم يستبعد وزير الداخلية يزيد زرهوني أن يكون لهذين الاعتداءين ارتباط وثيق بالحركة «الكثيفة» للطبقة السياسية الموالية للسلطة المطالبة بتعديل الدستور لتمكين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من ولاية رئاسية ثالثة.
وقال زرهوني إن «هذه العمليات تنفيذها سهل بالنسبة إلى الإرهابيين والتصدي لها صعب بالنسبة إلى قوات الأمن». ودعا «المواطن إلى الحيطة والحذر»، لكنه أصر على أن «الجزائر استطاعت القضاء على الإرهاب نسبياً»، وفسر هذه العمليات بأنها «دليل على ضعف الجماعات الإرهابية، ما جعلها تغير تكتيكاتها».
كما أشار زرهوني إلى أن الاستخبارات الجزائرية كانت على علم بأن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» سيستهدف مؤسسات هامة مثل المجلس الدستوري، ما جعل الكثير يتساءل لماذا لم تحذر السلطات بذلك من قبل.
وفي المقابل، رأى رئيس الهيئة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان في الجزائر، ادريس بن زكري، المكلف ملف المصالحة، أن «هذه العمليات الانتحارية إرهاب جديد ينفذه جيل جديد مدعّم من أعداء الجزائر في الداخل والخارج».
من جهته، تبنى تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الهجومين الانتحاريين، معلناً أنه استهدف مقر الأمم المتحدة «وكر الكفر العالمي»، لتكون أول عملية من نوعها في الجزائر تستهدف بعثة أممية.
وقال رئيس المفوضية العليا للاجئين، أنتونيو غوتيريس، «إنه لا يشك في أن المستهدف كان الأمم المتحدة»، في حادث أعاد إلى الأذهان الهجوم على البعثة الأممية في بغداد عام 2003.
ووفق أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية الجزائرية أمس أرتفع عدد ضحايا التفجيرين إلى 32 قتيلا، بينهم 5 أجانب، فضلاً عن 177 جريحاً بينهم 3 أجانب.
وأوضحت الوزارة أن القتلى الأجانب هم من جنسيات دنماركية وصينية وسنغالية.
في هذه الأثناء، يقود حزب جبهة التحرير الوطني الذي يتزعمه رئيس الجهاز التنفيذي عبد العزيز بلخادم، حملة كبيرة جند من خلالها المجتمع المدني لحث بوتفليقة على الترشح لولاية ثالثة لاستكمال برامجه، وبينها برنامج المصالحة الوطنية التي أدت إلى انقسام الجماعات الإسلامية وظهور ما يسمى «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي».
وفي الوقت الذي ترفض فيه أحزاب المعارضة الولاية الثالثة لبوتفليقة، يرى المتتبعون أن «الجماعات المسلحة ترفضها بدورها، بدليل محاولة استهداف بوتفليقة في أيلول الماضي شرق الجزائر».
إلى ذلك، شدد وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، في اتصال هاتفي مع إذاعة «أوروبا 1» أمس، على أن «الجزائريين موحدون ضد الإرهاب» وأن «الاعتداءات الأخيرة لا تنذر بعودة شبح الحرب الأهلية».