معمر عطوي
لا يمكن تفسير زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الى السعودية، بأنها مجرد تلبية لدعوة وجهها إليه الملك السعودي عبد الله، لتأدية فريضة الحج، وخصوصاً أنها تأتي بعد تحولات مشهودة في الموقف الإيراني تجاه دول الخليج العربي.
وقد يرى البعض أن رمزية الزيارة هي في كونها أول زيارة لرئيس إيراني يؤدي فريضة الحج بدعوة من ملك سعودي منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. لكن ما شهدته المنطقة من تطورات سياسية في الآونة الأخيرة، تجعل لهذا الحج دلالات سياسية تتجاوز الطابع الرمزي الى مرحلة من الغزل السياسي بين البلدين.
في هذا المجال، من المفيد الإشارة الى أن الحاج نجاد قد كثّف من خطابه الإيجابي تجاه دول الخليج، التي كانت تخشى أن تتحوَّل بعض أراضيها الى منطلق لضربات عسكرية أميركية مفترضة لأهداف في إيران.
وبما أن السعودية هي القطب الأبرز من بين هذه الدول، فإن سياسة نجاد تجاهها أصبحت تشير بوضوح إلى وجود نية إيرانية في كسب ودّ الخليج الذي يحاول التملص من التورط في حرب تخوضها الولايات المتحدة، وقد ظهر هذا جلياً أثناء الاجتماع الأمني الذي عقد قبل أسبوعين في المنامة، حيث لاقى تحذير وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس لهذه الدول من التهديد الإيراني، استهجاناً من بعض المسؤولين الذين وجدوا أن إسرائيل أخطر من جارتهم المسلمة.
ولا بد من النظر بإيجابية الى تحركات الحكومة الإيرانية المكثّفة نحو دول الخليج، سياسياً واقتصادياً، التي تكلّلت بتقديم نجاد خلال حضوره التاريخي قمة دول مجلس التعاون الست في الدوحة أول الشهر الجاري، مقترحات شملت التعاون الاقتصادي والأمني. وقد أصبح نجاد أول رئيس إيراني يزور السعودية للمرة الثالثة منذ تولّيه الحكم في صيف 2005، في ما يبدو أنه محاولة جادة لتقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية، لينعكس ذلك بدوره إيجاباً على أكثر من بقعة توتر مذهبي في العالم العربي.
المفارقة أن الرياض التي انتقدت دمشق مراراً متهمة إياها بأنها «تابعة» لنظام الملالي، هي من يتجه أكثر نحو تعزيز العلاقات مع طهران، في الوقت الذي تواصل فيه إطلاق سهام نقدها تجاه سوريا ونظامها.
غزل سعودي ـــــ إيراني لا بد أن يجد انعكاساته الإيجابية على أكثر من ملف خلافي في المنطقة، وخاصة بعد سقوط الخيار العسكري الأميركي، وحتى خيار تشديد العقوبات حيال إيران. لكنه بالتأكيد لا يعني قراراً سعودياً بتغيير تحالفاتها في المنطقة والعالم.