غزة ــ رائد لافي
حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي «فرحة» الفلسطينيين
في قطاع غزة بعيد الأضحى، إلى «مأتم» عبر تصعيد مجازرها اليومية، التي حصدت أرواح 21 شهيداً خلال الأيام الأربعة الماضية، بينهم تسعة في الساعات الـ24 الأخيرة


صعّدت القوات الإسرائيلية، خلال الأيام الثلاثة الماضية، عدوانها على غزة، حيث شنت غارات وتوغلات أدت إلى استشهاد تسعة فلسطينيين، وإن أقرت بمواجهة مقاومة شرسة من مقاتلي فصائل المقاومة، التي تمكنت من إصابة عشرة جنود إسرائيليين بجروح متفاوتة، أحدهم في حال حرجة.
وتبنّت كتائب «عز الدين القسّام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، و«سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، المسؤولية عن إصابة جنود الاحتلال، فيما استخدمت «كتائب القسام»، في سابقة هي الأولى من نوعها، أسلحة ثقيلة للتصدي للطيران الحربي.
ونقلت صحيفة «معاريف» العبرية عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن جيش الاحتلال خاض مواجهات ضارية وواجه مقاومة قوية ومنظّمة من مقاومي الفصائل الفلسطينية منعته من التقدم براً، إلى جانب تصدي «المضادات الأرضية» في «سابقة خطيرة» للطيران الحربي.
وأكدت مصادر فلسطينية وشهود عيان هبوط مروحية حربية إسرائيلية اضطرارياً في موقع أبو صفية شرق مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، في ظل كثافة النيران التي تعرضت لها.
وأعلنت مصادر أمنية إسرائيلية أن عمليات جيش الاحتلال التي تستهدف نشطاء الفصائل الفلسطينية في القطاع ستستمر أياماً من الجو والبر والبحر، لكن ليس في إطار الحديث عن «عملية واسعة»، مشيرةً إلى أن العمليات ستتركّز على «أولئك الذين يعكفون على توجيه الاعتداءات التخريبية».
وقتلت قوات الاحتلال، خلال الساعات الـ24 الماضية، تسعة مقاومين، بينهم ثمانية في عملية التوغل الإسرائيلي شرق مخيم المغازي للاجئين وقرية المصدر وسط القطاع، فيما سقط الشهيد التاسع خلال تصديه لتوغل الاحتلال في بلدة عبسان، جنوب القطاع.
واستشهد المقاوم في «كتائب القسام»، عوض ناجي الفجم (22 عاماً)، خلال تصديه لقوات خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي حاولت التسلل في بلدة عبسان الجديدة، شرق مدينة خان يونس، جنوب القطاع.
وعثرت طواقم طبية فلسطينية على جثمان الشهيد إبراهيم عايد أبو مدين المقاوم في «كتائب القسام»، بعد وقت قصير من انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قرية المصدر القريبة من مخيم المغازي وسط القطاع.
وفي إطار رد فعل المقاومة الفلسطينية على العدوان الإسرائيلي، واصلت فصائل المقاومة عمليات إطلاق الصواريخ المحلية الصنع، وقذائف الهاون في تجاه البلدات الإسرائيلية المتاخمة لخط التحديد بين القطاع وفلسطين المحتلة عام 48.
واعترف رئيس شعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (أمان) العميد يوفال حلميش بأن «قدرة إسرائيل على التعامل مع تهديد صواريخ القسام محدودة وتصل إلى حد الصفر».
وقال، في محاضرة أمام طلبة جامعة تل أبيب، إن «تهديد صواريخ القسام صار قريباً وبات يؤثر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية والمعنويات الوطنية، وأصبحت قدرتنا على التعامل مع هذا التهديد صعبة إلى درجة أنها أصبحت مستحيلة في بعض الأماكن».
وعزا الأمر إلى ما وصفه «محور إيران ـــــ حزب الله ـــــ سوريا»، الذي ينقل الخبرة إلى المقاومة في قطاع غزة، إلى درجة أن «ملامح الحرب في غزة أصبحت تشبه ملامح حرب حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وما يُستخدم ضد القوات الأميركية في العراق».
إلى ذلك، برزت أصوات إسرائيلية أمس تطالب بالحوار مع «حماس» للوصول إلى هدنة، إلا أن الحركة أعلنت أن لا مجال للحديث عن هدنة مع إسرائيل في ظل استمرار الغارات والتوغلات. وقال القيادي في «حماس»، إسماعيل رضوان، «لا معنى للحديث عن أي هدنة في وقت يتواصل فيه العدوان على الشعب الفلسطيني»، مشدداً على أن «المقاومة حق مشروع للرد على الجرائم الهمجية التي يمارسها العدو الإسرائيلي بما في ذلك خلال العيد».
وأضاف رضوان إن «المشكلة ليست في الجانب الفلسطيني بل المشكلة في العدو الذي يواصل عدوانه، لا مجال للحديث عن هدنة في ظل الإجرام الصهيوني». وأوضح أنه «إذا جرى الحديث عن تهدئة (مع إسرائيل)، فلا بد أن يبحث الموضوع مع كل الفصائل الفلسطينية بما يلبّي المصلحة الوطنية العليا لشعبنا».
وكان وزيرا النقل والبنى التحتية الإسرائيليان شاوول موفاز وبنيامين بن اليعزر قد أيّدا أمس التوصل الى هدنة مع «حماس» إذا قدّمت الحركة اقتراحاً جديراً بالصدقية. وقال موفاز، العضو في حزب «كديما»، «إذا وردنا عرض هدنة جدي من حماس، فأعتقد أن علينا درسه بجدية».
أمّا بن اليعزر فقال «إذا قدّمت حماس اقتراحاً جدياً بوقف الإرهاب وتهريب الأسلحة ومناقشة قضية الجندي جلعاد شاليط»، فإنه «شخصياً» سيوافق عليه. وأضاف إن العرض يجب أن يشمل وقفاً كاملاً للهجمات الصاروخية اليومية ووقف تهريب الأسلحة عبر أنفاق مع مصر واستئنافاً فورياً للمفاوضات غير المباشرة التي تقودها مصر للإفراج عن شاليط. وأشار إلى أن علاقته الشخصية برئيس الوزراء الإسرائيلي تدعوه إلى الاعتقاد بأن «السيد (أيهود) أولمرت لن يرفض أي شيء فوراً».
إلا أن مسؤولين في مكتب أولمرت رفضوا إجراء أي مفاوضات مع «حماس» قبل تنفيذها لشروط «الرباعية» وهي الاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات السابقة الموقعة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ونبذ العنف.
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، أن 86 في المئة من سكان مستوطنة سديروت يرون أن الحكومة الإسرائيلية فشلت في تحسين الوضع الأمني في المدينة ووقف إطلاق صواريخ «القسام»، فيما عبّر 64 في المئة من سكان المدينة عن رغبتهم في مغادرتها بسبب الوضع الأمني المتردي.