واشنطن ــ محمد سعيد
تلقّى كبار القادة العسكريّين في وزارة الدفاع الأميركيّة (بنتاغون) في وقت سابق من الشهر الجاري الدراسة المسحيّة الأحدث لوضع جنود الاحتلال الأميركي في العراق (لم يُكشف عنها رسمياً بعد)، تُظهر ازدياداً في تردّي معنويّاتهم ومعاناتهم النفسيّة والاجتماعيّة بسبب طول فترة خدمتهم العسكريّة في بلاد الرافدين. وتفيد الدراسة، التي أعدّها طاقم من الاختصاصيّين النفسيّين في البنتاغون عقب زيارة لهم إلى بغداد في الخريف الماضي التقوا خلالها مع نحو 2300 جندي، بوجود تصاعد في عدد حالات الانتحار وانخفاض حاد في معنويّات الجنود وتزايد حالات الطلاق في أوساط المتزوّجين منهم. وتقول إنّ حالات الانتحار قد ازدادت بنسبة 5 في المئة في العام الماضي. وتضيف أن الحالة المعنوية تكون عالية بنسبة 30 في المئة في أوساط الجنود خلال الفترة الأولى من وجودهم في العراق، ثم تبدأ بالانخفاض بنسبة 15 في المئة بعد الانتشار الثالث لهم.
وأعربت السيناتورة الديموقراطيّة باتي موريي، عن قلقها حيال هذه الأرقام وحثّت قادة البنتاغون على بذل مزيد من الجهود في ما يتعلّق بالصحة العقليّة للجنود. وقالت إنّ نشر الجنود 3 مرات في العراق يؤثّر دراماتيكياً على حالتهم النفسية والاجتماعيّة وعلى عائلاتهم، مشيرةً إلى أنّ من غير المنصف تمديد فترة الخدمة بعد الانتشار الأوّل.
ووجدت الدراسة المسحيّة أنّ تمديد الخدمة للجنود في العراق 3 مرات متوالية يؤدّي إلى زيادة حالات الطلاق، حيث يعزم ثلث الجنود العاديّين وضبّاط الصف، مع نهاية فترة نشرهم الثالثة، على طلب الطلاق. فيما يعزم ربع الرقباء العسكريّين على طلب الطلاق.
ويقول الاختصاصيّون النفسيّون في البنتاغون إنّ فترة 15 شهراً من الخدمة العسكريّة في العراق، من المتوقع أن تؤدّي إلى انهيار زواج العسكريّين المتزوّجين حديثاً، وليس ذلك مفاجئاً بالنسبة لهم. ويقول الجنرال المتقاعد والاختصاصي النفسي، ستيفن ستاناكيس، إنّ مراجعةً للدراسة تشير إلى وجود حالة اضطراب داخل الجيش الأميركي تُظهر الآثار الناجمة عن 6 أعوام من الحرب. ويضيف أنّ «الجميع في الجيش، سواء الجنود أو القادة، يتعرضون لضغوط نفسيّة».
الجيش يتجنّب حتى الآن مناقشة النتائج التي تتضمّنها الدراسة نظراً لأنّه لم يتسنّ بعد لكبار الجنرالات دراستها ومناقشتها. غير أنّه كشف القليل جداً من تفاصيلها، وخصوصاً نسبة الانتحار التي يقول الجميع إنّها تبدو عالية نسبياً.
ويقول اختصاصيّون نفسيّون في مكتب المراقب الطبّي العام في الجيش الأميركي، إنّ السبب الرئيسي لانتحار الجنود هو فشل العلاقات الاجتماعيّة بسبب طول الخدمة العسكريّة في العراق، ويشيرون إلى أنّ تقصير فترة الخدمة في الخارج أو النشر المخفوض يرفع أحياناً الحالة المعنويّة للجنود. كذلك يتساءلون إن كان ذلك سيؤدّي إلى خفض نسبة الانتحار بين الجنود.
والدراسة المسحيّة الأخيرة هي الخامسة من نوعها، حيث ذكرت دراسة مماثلة صدرت في أيّار الماضي، أنّ الجنود الأميركيّين في العراق يحتاجون إلى مزيد من الراحة خارج الخدمة وخصوصاً الجنود الذين يشاركون في عمليّات عسكريّة أو يخدمون في مناطق تشهد مواجهات حربية.
وسبق لوزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، أن لفت إلى أنّ البنتاغون ليست لديه القوّات الكافية لإرسالها إلى العراق أو أفغانستان لاستبدال الجنود الذين يخدمون فترات طويلة هناك.
ولمواجهة النقص في الجنود، أوصى قسم الطب النفسي في الوزارة بإرسال المزيد من الاختصاصيّين النفسيّين إلى العراق. غير أنّ المشكلة التي تواجه تنفيذ هذه التوصية هي عدم وجود العدد الكافي من الاختصاصيّين حالياً. لذلك فإن الوزارة تنظر حالياً في تقصير مدّة الخدمة للجنود في العراق من 15 شهراً إلى 12 شهراً للجنود الذين سيتمّ إرسالهم في العام المقبل.