بغداد ـ الأخبار
مجلس الوزراء يقرّ «العفو العام» بانتظار موافقة البرلمان... ومتّكي متمسّك باتفاقيّة الجزائر

هيمن الاتفاق الذي عُقد في مدينة السليمانية في كردستان العراق، بين نائب الرئيس العراقي، رئيس الحزب الاسلامي طارق الهاشمي والحزبين الكرديّين الرئيسيّين بزعامة الرئيس جلال الطالباني ومسعود البرزاني، على التطوّرات في بلاد الرافدين، إلى حدّ أنّه طغى على مشروع قانون العفو العام عن المعتقلين الذي أقرّته حكومة نوري المالكي أمس.
وتُضاف وثيقة التفاهم هذه إلى الاتفاقات السابقة الموقّعة بين الأطراف العراقية، وأبرزها «التحالف الرباعي» الذي جمع في الصيف الماضي الحزبين الكرديّين إلى حزب المالكي (الدعوة الإسلامية) والمجلس الإسلامي العراقي الأعلى. وكان قد سبق الاتفاق الثلاثي، إعلان للطالباني عن تقديم «خريطة طريق» جديدة للعملية السياسيّة في البلاد، التي تشهد ركوداً، لم تحرّكه كلّ «خرائط الطرق» السابقة.
وبينما رأى المجلس الأعلى الإسلامي، ومعه الحكومة، «عدم الحاجة إلى خرائط جديدة»، وضرورة العمل على تفعيل الاتفاقات السياسية القائمة، فإنّ الطالباني، ومعه البرزاني، اتفقا مع الهاشمي على وثيقة تفاهم، ليصبح للطالباني، بشكل خاص، تكتّلان يتقاسمهما نائباه الهاشمي وعادل عبد المهدي عن المجلس الأعلى.
وحسب البنود المعلنة للاتفاق الثلاثي، لا جديد سوى ما أعلنه البرزاني عن فشل مهمة الوفد الكردستاني في بغداد، وعدم توصّله إلى حلول مرضية مع حكومة المالكي، وهو ما أوحى بأنّ الطرف الكردي يحاول اللجوء إلى العرب السنّة من خلال الحزب الاسلامي، للضغط على حكومة بغداد، وهذا ما عبّر عنه النائب الكردي محمود عثمان الذي دعا، فور الإعلان عن الاتفاق الثلاثي، إلى الضغط على حكومة المالكي وتهديدها بحجب الثقة، الأمر الذي يؤدّي الى سقوطها، لأنها تستند إلى دعم الكتلة الكرديّة.
كذلك دعا عثمان قيادة التحالف الكردستاني إلى التلويح بالانسحاب من الحكومة للضغط بهدف تنفيذ ما سمّاه «مطالب الأكراد». ونقلت الوكالة المستقلّة للأنباء «أصوات العراق» عن عثمان قوله «كان موقف المالكي في ما يخصّ مطالب الكرد إيجابياً، أمّا الآن فهناك تغيير في موقف رئيس الوزراء العراقي بحيث أصبح يقف ضدّ مطالبنا». وذكّر النائب الكردي بأنّ «أي انسحاب للتحالف الكردستاني سيؤدّي إلى انهيار حكومة المالكي».
غير أنّ ما تستند إليه الكتلة الكردية في حجب الثقة، لا ينال قبولاً من غالبية الكتل السياسية أو البرلمانية، وقد جرّب الأكراد ذلك، برفضهم رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، لأنه حسب قولهم «تباطأ في تسليمهم كركوك والاستجابة للمطالب الأخرى»، كذلك جرّبوا ذلك مع قوى «التكتل الرباعي»، التي لم تحقّق لهم مطالبهم.
وكان لافتاً في نصّ الاتفاق، وجود فقرة تشير إلى «تطبيق المادة 140 من الدستور، وفق الأصول الدستورية»، وهذه الفقرة فضفاضة جدّاً، واستخدمت في كل الاتفاقات السابقة. وهذه المادّة تُعدّ منتهية بحلول نهاية هذا العام، لأنّها محدّدة بسقف زمني. وعلى الرغم من توصية الأمم المتحدة بالتمديد ستة اشهر لتطبيق الاستفتاء بموجب المادة 140، فإنّ هذا الأمر يقتضي تعديلاً دستورياً يتطلّب موافقة البرلمان، أو إجراء استفتاء شعبي عام. وذلك غير متاح في المدى المنظور، بينما أكّد القائد في المجلس الاسلامي الاعلى همام حمودي، رئيس لجنة التعديلات الدستورية، أنّ الرأي السائد الآن هو أن تكون كركوك إقليماً مستقلًّا ذاتياً لمدّة لا تقلّ عن ثلاث سنوات، يتمّ بعدها النظر في وضعها النهائي.
ولم يفت المراقبون ملاحظة التقارب بين بنود الاتفاق الثلاثي، وبنود «العهد الوطني» الذي طرحه الهاشمي أخيراً مشروعاً سياسياً إنقاذياً. وأبرز ما لفت بُعيد الإعلان عن الاتفاق الثلاثي، الانتقاد الذي وجّهه له عدنان الدليمي، زعيم «جبهة التوافق العراقية» التي يُعدّ حزب الهاشمي ركيزتها.
وجهد أطراف الاتفاق في التركيز على أنّ الاتفاق الثلاثي ليس موجّهاً ضدّ أحد، في إشارة إلى الأحزاب الشيعيّة.
ورأى الهاشمي أنّ «الطيف السياسي والتكتّلات السياسية معرّضة للتغيير بسبب ركود العملية السياسية اليوم». وتوقع أن تحصل «تغييرات كثيرة في التكتلات السياسية القائمة”.
وتتألّف المذكّرة من 21 بنداً تنص أبرزها على «تأكيد مبدأ المشاركة في السلطة واتخاذ القرار ورفض سياسة التهميش والإقصاء إلى جانب تحقيق جهود المصالحة الوطنية الحقيقية ودعمها».
وفي ما بدا كأنه ردّ على «وثيقة التفاهم»، أقرّت الحكومة أمس مشروع قانون عفو عام عن آلاف السجناء العراقيّين المعتقلين في السجون الحكوميّة وسجون قوّات الاحتلال في مختلف أنحاء العراق، والذين يُقَدّرون بـ35 ألف شخص، منهم 18 ألف معتقل في سجن بوكا الواقع في بلدة أم قصر في البصرة وسجن كوبر في مطار بغداد.
وقال المتحدث باسم الحكومة، علي الدباغ، إنّ المجلس أقرّ قانون العفو العام الذي حدّد الشروط الواجب توافرها في المعتقلين الذين سيطلق سراحهم من المعتقلات العراقية أو الأميركيّة بعد مصادقة البرلمان ومجلس الرئاسة على المشروع المذكور «قريباً».
على صعيد آخر، أكّد وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي أمس، تمسّك بلاده باتفاقية الجزائر الموقّعة بين العراق وايران في 1975 لترسيم الحدود بين البلدين في منطقة شطّ العرب المتنازع على ملكيتها بين الدولتين منذ أكثر من قرن، محذّراً الاميركيّين من «الدخول في هذه اللعبة من جديد».
وجاء كلام الوزير الإيراني ردّاً على كلام الطالباني الذي قال يوم الاثنين الماضي إنّه يرى أن اتفاقية الجزائر «مُلغاة».
وأشار متّكي، في المنامة، إلى أنّ «الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول لا تتعلّق بحكم يحلّ مكان آخر». وأضاف «ننبّه الأميركيّين إلى ألّا يبدأوا لعبة جديدة، وأن يتعلّموا الدرس من الفشل الذي منوا به في ألاعيبهم السابقة»، موضحاً أنّ طهران لمست لدى الطالباني «خلال زياراته لإيران، موقفاً آخراً».
ميدانياً، قتل جنديان أميركيان في نينوى. كما لقي أكثر من 40 شخصاً مصرعهم أول من أمس في تفجيرين انتحاريين في بيجي استهدفا ميليشيات «الصحوة». كذلك وجدت القوات العراقية أمس أكثر من 20 جثّة متحلّلة في محافظة ديالى.