فيما شُغِلَت باكستان أمس في تشييع بنازير بوتو، انصرفت عواصم القرار ووسائل الإعلام العالمية إلى البحث عن الجهة المسؤولة عن اغتيالها، كاشفة عن العلاقة التي جمعت بين الضحية وأجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية. ورغم تبني جهة مسؤولة من تنظيم «القاعدة» الاغتيال، لم يسلم الرئيس برويز مشرّف من الاتهامات.ووريت رئيسة الحكومة السابقة في الثرى في مسقط رأسها جاري خودا باكش في إقليم السند، حيث احتشد الآلاف من مناصريها. ولم يهدأ الشارع الباكستاني منذ إعلان وفاتها أول من أمس، معبّراً عن غضبه من خلال أعمال الشغب، ما أدى إلى وقوع اشتباكات مع الشرطة الباكستانية ومقتل 23 شخصاً. وتجمّع نحو 7000 شخص في وسط مدينة مولتان، حيث قاموا بأعمال شغب متفرقة. ولم تهدأ أيضاً العاصمة إسلام آباد التي شهدت غضباً عارماً، حيث كرر المحتجون اتهاماتهم إلى الرئيس الباكستاني بتنفيذ عملية الاغتيال.
هذه الاضطرابات تسبق الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 8 كانون الأول.، والتي أعلن رئيس الوزراء محمد ميان سومرو أنه «لا خطة لدى الحكومة لتأجيلها».
الاغتيال حتماً أربك واشنطن وطرح شكوكاً في دور مشرّف في السيطرة على الأمور، ما دفع بالرئيس الأميركي جورج بوش إلى الاتصال هاتفياً برئيس هيئة أركان القوات المسلحة الجنرال إشفاق كياني لتعزيز العلاقات معه إذا ما اهتز موقف مشرف داخل البلاد أو إذا ما تنحى عن الحكم، والبحث في إمكان تولي كياني زمام السلطة فى باكستان.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن «مشرّف قد أصبح عاجزاً، ولا قوة له في وقف عمليات الاغتيال التي تجري في البلاد»، موضحاً أن كلاً من تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» أصبح قوياً بما فيه الكفاية لممارسة الإرهاب داخل البلاد.
وعلى الرغم من الاتهامات التي وجهتها واشنطن وإسلام آباد إلى ضلوع «القاعدة» أو «طالبان» بعملية الاغتيال، فإن مصادر داخل حزب الشعب الباكستاني تتهم مشرّف وقيادات الجيش الباكستاني بتنفيذها. وقال العضو السابق في البرلمان الباكستاني سردار سالم: «إن مراكز القيادات العامة للجيش (الباكستاني) قتلتها».
وفي الحادث المأساوي الذي شغل الصحافة العالمية والأميركية على وجه التحديد، قالت شبكة «سي إن إن» إن بوتو كتبت في الرسالة الإلكترونية التي وجهتها إلى المتحدث باسمها في الولايات المتحدة مارك سيغل بعد محاولة الاغتيال التي تعرّضت لها في 18 تشرين الأول الماضي أنه إذا حدث شيء لها «فإني أحمّل مشرف المسؤولية». وأضافت: «أعوانه يجعلونني أشعر بالخطر»، وطلبت من سيغل نشر هذه الرسالة في حال اغتيالها.
من جهتها، تُراقب إسرائيل الوضع الباكستاني عن كثب، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قوله إنه «قلق جداً، ويخشى احتمال وصول السلاح النووي الذي بحوزة باكستان لأيدي جماعات إسلامية متطرّفة»، فيما أعلن المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة دان غيلرمان أنه التقى بوتو قبل أشهر وأبلغته أنها تبحث إمكان إقامة علاقات دبلوماسية بين باكستان وإسرائيل في حال عودتها إلى الحكم.
وكشفت الصحيفة أن بوتو لجأت إلى ثلاثة أجهزة استخبارات غربية، هي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية واسكوتلاند يارد البريطاني و«الموساد»، طالبة المساعدة في الحراسة الشخصية لها، مضيفة أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أيدت الاستجابة لطلب بوتو، لكنها لم تتخذ قراراً بهذا الصدد خوفاً من إثارة غضب النظام الباكستاني أو الهند.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)