غزة ــ رائد لافي
انتقل الحوار الفلسطيني عملياً إلى السعودية، وبات مصير القضية مرهوناً بمدى نجاح المتحاورين في الخروج باتفاق ينهي حالة الأزمة، أو الوصول إلى فشل يفتح الوضع الداخلي على المجهول

تنطلق اليوم رسمياً محادثات الوحدة الفلسطينية في مدينة مكة السعودية، التي انتقل إليها أمس قادة “فتح” و“حماس”، وسط أجواء تفاؤل، عبّر عنها مسؤولو القيادتين، ولا سيما بعد الإجراءات الإسرائيلية في القدس المحتلة.
وعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل أمس لقاءً في جدة تمهيداً للقائهما المرتقب اليوم الأربعاء.
وقال مصدر فلسطيني قريب من الاجتماع إن عباس ومشعل اجتمعا بحضور أعضاء الوفدين في قصر المؤتمرات في جدة على البحر الأحمر. وأضاف إن اللقاء كان “ودياً” وإن الهدف منه “تمهيد الأجواء للقاء مكة الذي يبدأ ظهر غد (اليوم)” بهدف التوصل الى اتفاق “يوقف إراقة الدم الفلسطيني”.
وفي السياق، ربط رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، قبل التوجه إلى السعودية، بين اللقاء في مكة والتهديدات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، مشيراً إلى أن “استمرار هذه الاعتداءات يذكّر كل أبناء الشعب الفلسطيني وقادته المجتمعين في مكة، بأن معركة الشعب ومعركة الأمة الإسلامية، هي مع الاحتلال الذي لا يزال مستمراً في عدوانه المباشر على ثالث الحرمين الشريفين”.
وقال هنية إن “التهديدات الإسرائيلية تحمّل المتحاورين في مكة المسؤولية الكبيرة والأمانة العظيمة في كيفية الحفاظ على القدس والمسجد الأقصى وكيفية التوحد وإغلاق الباب أمام أي معارك جانبية، لأن معركة هذا الشعب ليست داخلية، وإنما هي معركة مع الاحتلال الذي يستمر في عدوانه وتهويده للقدس”.
ورافق هنية، في وفد الحكومة، وزير الخارجية محمود الزهار، ورئيس ديوان رئيس الوزراء محمد المدهون، والناطق باسم الحكومة غازي حمد، فيما ضم وفد “حماس” رئيس كتلتها البرلمانية خليل الحية، وأحد مؤسسيها محمد الشمعة، والقيادي نزار عوض الله.
ووعد هنية الشعب الفلسطيني ببذل قصارى جهده لإنجاح الحوار، والسعي بكل ما أوتي من قوة من أجل التوصل إلى اتفاق فلسطيني ــ فلسطيني، وتأليف حكومة الوحدة وفقاً لوثيقة الوفاق الوطني.
لكن هنية أقرّ بوجود عدد من الملفات الشائكة والمعقدة أمام المتحاورين. وقال “ستتم معالجتها إذا ما توافرت الإرادة القوية والنيات الصادقة للاتفاق والوفاق بناءً على قاعدة الوحدة، وحماية المصالح العليا للشعب الفلسطيني”.
وفي دمشق، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، موسى أبو مرزوق، إن «الخلافات في إطار تأليف حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وخطاب التكليف أصبحت ضيقة، ولكن لا ندري هل سيتم الاتفاق أم لا؟ ومن السابق لأوانه إعطاء رأي قبل بدء الاجتماع في مكة».
وقال رئيس كتلة “فتح” البرلمانية، عزام الأحمد، إن المحادثات تهدف إلى إقناع “حماس” بقبول برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما قد يتضمن اعترافاً ضمنياً من “حماس” بإسرائيل لإنهاء المأزق الراهن. وأوضح أن ذلك لن يتعارض مع شروط رفع الحصار. وأبدى ثقته بأنه «فور احترام حماس لاتفاقات منظمة التحرير الفلسطينية، لن يطالب رباعي الوساطة بعد ذلك الحركة الإسلامية بالاعتراف بإسرائيل».
ورأى مستشار الرئيس الفلسطيني، نبيل شعث، توافر “فرص عالية” لنجاح اللقاء في مكة. وقال “هناك فرص عالية لنجاح لقاء مكة لأن نقاط الاختلاف تقلّصت”. وأضاف ان حماس “ستدخل الاجتماع بأفكار جديدة وبصيغ ربما تكون مقبولة حول نقطتي الالتزام بالاتفاقات الدولية والعربية” حول عملية السلام، إضافة الى موقفها من مسألة “منصب وزير الداخلية”، الذي كان الخلاف حوله عائقاً أمام تأليف حكومة وحدة وطنية.
ورفض شعث اعتبار لقاء مكة بأنه “لقاء الفرصة الأخيرة”، إلا أنه طالب بـ“ضرورة أن تتم متابعة ما سيتم الاتفاق عليه في اجتماع مكة على الأرض منعاً لأي انهيار جديد”.
في هذه الأثناء، سادت أجواء من الهدوء الملحوظ في قطاع غزة، امتثالاً لاتفاق التهدئة الداخلية ووقف إطلاق النار بين حركتي “فتح” و“حماس”، لتوفير مناخات إيجابية تساعد على النجاح في تحقيق توافق وطني في حوار مكة. ونجحت الحركتان في إنهاء قضية المختطفين من الجانبين، حيث جرى تبادلهم. وكانت “فتح” والأجهزة الأمنية الموالية لها قد خطفت نحو 21 ناشطاً من “حماس”، التي اختطفت نحو تسعة ناشطين من “فتح”.