غزة ــ رائد لافيرام الله ــ الأخبار

اجتاحت الأراضي الفلسطينية موجة من الرسائل النصية الساخرة بواسطة أجهزة الهاتف النقال، عبّر الفلسطينيون من خلالها عن الواقع السياسي الراهن، وتطلعاتهم إلى ما سيؤول إليه حوار مكة بين فريقي الرئاسة وحركة «فتح» من جهة، والحكومة وحركة «حماس» من جهة ثانية.
وعكست الرسائل مشاعر متباينة في الشارع الفلسطيني، بين السخرية من الحوار، والتشاؤم المطلق من إمكان التوصل إلى اتفاق وطني استناداً إلى تجارب الفشل السابقة. ومع بدء الحوار الوطني في مكة، شاعت رسالة قصيرة، نصها «خبر عاجل... اتفقوا في مكة على أن تكون غزة حمساوية، والضفة فتحاوية، ومنطقة الدغامشة محمية طبيعية»، في إشارة إلى حي الصبرة في غزة، الذي تقطنه عائلة دغمش ذات الانتماءات السياسية المتعددة.
وفيما أظهرت الرسالة السابقة حالة ساخرة في الشارع الفلسطيني إزاء الحوار وما سيسفر عنه من نتائج، عكست رسالة ثانية تشاؤماً كبيراً لدى الفلسطينيين، وتقول الرسالة «فرك فلسطيني مصباح علاء الدين فخرج له المارد قائلاً: شبيك لبيك عبدك بين يديك. اطلب كل ما تتمناه إلا حكومة وحدة وطنية».
ولخصت رسالة أخرى الانطباع السائد في الشارع الفلسطيني عن شخصيتين أساسيتين في الحوار، هما وزير الخارجية محمود الزهار عن حركة «حماس»، والقائد الفتحاوي البارز محمد دحلان، فالأول معروف بمزاجه الحاد، والثاني متهم بالوقوف وراء الأزمة الداخلية. وتقول الرسالة «الملائكة تغادر مكة احتجاجاً على تواجد الزهار فيها، وانتحار ابليس بسبب وجود دحلان كمنافس».
ولم تخل الرسائل من عبارات اقتبسها مؤلفوها من الأمثال والأغاني الشعبية، بعد إعادة صياغتها بطريقة تعبّر عن مشاعرهم إزاء الواقع المعيش فلسطينياً، ونموذج ذلك رسالة مقتبسة من أغنية للمطرب الشعبي المصري حكيم، والنص المعدل «لا واحد ولا مية ولا جد التنفيذية حيطفي الحرب دية ولا مليون»، في إشارة إلى القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، التي كانت طرفاً رئيساً في الصراع بين حركتي «فتح» و«حماس».
وحوّل آخرون مثلاً شعبياً كي ينسجم مع الواقع الراهن، فأصبح النص الجديد «لما تشوف حلمة ودنك حتشوف حكومة وحدة وطنية».
وتقول الشابة سمية خضر إنها أطلقت إحدى النكت التي تقول: «إذا أردت العبور إلى غزة يلزمك هوية خضراء حمساوية (علم حماس أخضر)، بينما يلزمك هوية صفراء فتحاوية (علم فتح أصفر) للعبور إلى الضفة»، في دليل على أن الحركة في الشوارع تقيدت في الفترة الأخيرة مع انتشار الاختطاف بين «حماس» و«فتح» في قطاع غزة وانتقاله إلى الضفة الغربية.
وقالت راوية حماد (20 عاماً)، بينما كانت تهم بإرسال رسالة إلى صديقتها، إن هذه الرسائل المتداولة بين الشباب تعبر عن حال الإحباط واليأس. وقالت إن الفلسطينيين لم يمروا في تاريخهم في واقع سيئ كما هي الحال في هذه الأيام، وخصوصاً على صعيد العلاقات الداخلية، لذا فإن المواطن العادي الذي يفتقر إلى أدوات التغيير يلجأ إلى الهرب والتفريغ النفسي عن طريق السخرية من الواقع.
ورأى الاختصاصي النفسي محمد عزات أن ما يتناقله الفلسطينيون من نكت نوع من ردة الفعل. وقال إن «النكتة السياسية تظهر في حالات الضغط الاجتماعي الكبيرة أو الإحساس بالقهر». وأضاف ان «الفلسطيني المغمور يريد أن يفرغ عن نفسه جراء ما يعانيه من ظلم كبير وكبت نفسي وإحباط من قبل قوات الاحتلال، والمتنفذين والمفسدين في السلطة، وحالة الصراع الداخلي، لذا يطلق النكت، وهو يأمل في التغيير والخلاص من الظلم والجور».