غزة ــ رائد لافيالقاهرة ــ خالد محمود رمضان

التحضيرات الفلسطينية لإعلان حكومة الوحدة الوطنية، المقرر بعد الخامس عشر من الشهر الجاري، تتواكب مع مساع جادة لرفع الحصار الدولي، حتى لا تعود الأزمة إلى مربّعها الأول

يترقّب الفلسطينيون المواقف الدولية من اتفاق حكومة الوحدة، الذي وُقّع في مكة يوم الخميس الماضي، لتحديد مصير الحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية منذ وصول حركة “حماس” إلى السلطة العام الماضي، فيما بدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس جولة عربية للمساعدة على حشد الدعم الدولي للاتفاق.
وقد أبدى الاتحاد الأوروبي إيجابية تجاه الاتفاق، على عكس الموقف الأميركي، الذي جدد المطالبة بتطبيق الشروط الدولية الثلاثة للتعامل مع الحكومة، وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والاعتراف بالاتفاقات السابقة مع الدولة العبرية.
وكشف أحمد يوسف، المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، عن اختلاف واضح في الموقفين الأميركي والأوروبي إزاء اتفاق مكة، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تحاول الضغط لانتزاع موافقة من حكومة الوحدة على شروط اللجنة الرباعية، في وقت بدا فيه الترحيب الأوروبي بالاتفاق واضحاً منذ البداية.
وقال يوسف إن حكومة الوحدة المرتقبة ستحترم الاتفاقات الفلسطينية، بما فيها اتفاقات منظمة التحرير مع إسرائيل، غير أنها “لن تكون ملتزمة بها، ولا بالاعتراف بإسرائيل”. ورجّح يوسف أن تتجاوز أوروبا مسألة الاعتراف بإسرائيل، فيما ستتمسك واشنطن بموقفها حتى اللحظات الأخيرة، “غير أن الموقف سيأخذ في التغيّر مع تأليف حكومة الوحدة”.
وقال عضو المجلس الثوري في حركة “فتح”، قدورة فارس، إن “الاتحاد الأوروبي يتطلّع إلى فرصة نوفرها له لكي يتميز بالموقف السياسي حيال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عن موقفي اللجنة الرباعية والولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن “واشنطن اختزلت موقف الرباعية في إطار الموقف الأميركي. ونحن أصحاب مصلحة بأن تعود أوروبا إلى مواقفها التقليدية والنمطية اتجاه القضية الفلسطينية، التي كانت الى حد بعيد مقبولة”.
وكانت مصادر أميركية قد قالت إن واشنطن تدرس إمكان رفع المقاطعة الدبلوماسية عن الوزراء غير المنتمين إلى حركة “حماس” في الحكومة الجديدة، لإحراز تقدم على المستوى السياسي، وهو ما رفضته “فتح”، على لسان فارس، الذي قال “نطالب بالاعتراف الفوري ومن دون تردد بالحكومة الفلسطينية”، وإن لم يستبعد أن تحاول واشنطن إقناع الرباعية بتبني هذا الموقف لمنع انشقاق المواقف داخل اللجنة.
في هذا الوقت، شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أمس في القاهرة، عقب لقائه الرئيس المصري حسني مبارك، على رفضه حل «الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة»، مشيراً إلى ضرورة الذهاب مباشرة إلى الحل النهائي لحل كل القضايا الأساسية ومنها الحدود والمستوطنات واللاجئين.
وأشار أبو مازن إلى أنه اتفق مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على الذهاب مباشرة إلى الحل النهائي «بمعنى حل كل القضايا الأساسية وهي الحدود والمستوطنات واللاجئين وغير ذلك». وأكد أهمية وضع جدول زمني للتطبيق، مشيراً إلى أن الاجتماع الثلاثي، الذي سيضمه ورايس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت في التاسع عشر من الشهر الجاري، سيضع معالم الطريق من أجل بدء عملية السلام النهائي.
وبعد لقائه رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت في عمان، دعا عباس إسرائيل إلى التعامل مع الأمر الواقع في ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. وأوضح أن منظمة التحرير الفلسطينية ستتولى قضايا المفاوضات مع إسرائيل، وأن “هذا واضح للجميع ولا يحق لهم أن يقولوا نعم أو لا”.
وقال المستشار الرئاسي نبيل عمرو إن الفلسطينيين سيبدأون تحركاً على الساحة الدولية لشرح الاتفاق. وأوضح أنه في إطار هذا التحرك سيلتقي عباس في عمان غداً الثلاثاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سيقوم بزيارة رسمية إلى الأردن.
وقال عمرو إن عباس سيوفد مبعوثين إلى بلجيكا للقاء المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، لشرح الاتفاق، على أن يتم إيفاد مبعوثين، للغرض نفسه، للقاء وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي.
وكانت موسكو وبكين وباريس والاتحاد الأوروبي، وأبرز الدول الأعضاء فيه، قد رحبت باتفاق مكة.
وأعلنت كريستينا غالاش، المتحدثة باسم خافيير سولانا، أن الاتحاد يحلل “بطريقة إيجابية لكن حذرة” الاتفاق. وأضافت إن الاتحاد سينظر عن كثب في كيفية “امتثال (الحكومة الجديدة) للمبادئ التي وضعتها الأسرة الدولية”.
وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك أول من أمس، في مكالمة هاتفية مع الملك السعودي عبد الله، إن الاتفاق بين «فتح» و«حماس» “يجب أن يحظى بالدعم الكامل من المجموعة الدولية”. ورأى أن الاتفاق “يمثّل خطوة أولى في أخذ مبادئ اللجنة الرباعية بالاعتبار”.
وأعرب شتاينماير عن ارتياحه للاتفاق، ورأى المتحدث باسم الحكومة الألمانية، اولريش فيلهلم، أنّه “خطوة أولى في الاتجاه الصحيح”.
ووصفت مدريد الاتفاق بأنه “خطوة إيجابية حقاً .. ستساهم في إطلاق ديناميكية سلام”.
وأبدى وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما ارتياحه للاتفاق آملاً أن “ينشئ الظروف لتحقيق تقدم في عملية السلام”. وأبدت سويسرا استعدادها للتعاون “مع حكومة فلسطينية تبني عملها على الحوار والوسائل السلمية”.
كذلك، رأت موسكو في “إعلان مكة” خطوة في اتجاه “استقرار” الوضع في الأراضي الفلسطينية. ودعت وزارة الخارجية الروسية اللجنة الرباعية الى مناقشة رفع “الحصار” الاقتصادي عن الفلسطينيين.
ودعت الصين الى إعادة إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين “في أقرب وقت ممكن”. وأشادت وزارة الخارجية الصينية بدور “دول عربية أمثال المملكة العربية السعودية ومصر في التوصل الى هذا الاتفاق”.