محمد بدير
وشهد شاهد من أهله. بهذه العبارة يمكن إجمال الخلاصة التي توصل إليها البروفيسور الإسرائيلي ــ اليهودي، أرييل طواف، من جامعة بار إيلان المقربة من المعسكر الديني ــ القومي، حول استخدام يهود لدم نصارى في عيد الفصح، علماً بأن الحديث عن هذا الأمر لطالما اعتُبر بمثابة فرية دم وتشويه بحق اليهود من قبل «المعادين للسامية».
ففي بحث تاريخي جديد أجراه البروفيسور طواف، ونُشر يوم الخميس الماضي في إيطاليا، تبين أن قسماً من «فريات الدم» ضد اليهود في أوروبا استندت إلى اجراءات ونصوص حقيقية قام في سياقها يهود باستخدام دم أناس مسيحيين.
وكان طواف قد أصدر أخيراً كتابه الجديد باللغة الإيطالية تحت عنوان «فصح الدم»، في خطوة أثارت غضباً وحملة شجب في أوساط باحثين أكاديميين آخرين، وفي أوساط الجاليات والمنظمات اليهودية، الأمر الذي دفع به إلى إبداء غضبه من حملة الإدانات التي تعرض لها، كاشفاً النقاب عن تعرضه لتهديدات، حسبما ذكرت «هآرتس».
وما يزيد من إشكالية وخطورة كتاب طواف بالنسبة لليهود بشكل عام، هو المكانة العلمية التي يتمتع بها، والأصول العائلية الدينية التي ينحدر منها؛ فهو عمل حتى الآونة الأخيرة رئيساً لقسم تاريخ شعب إسرائيل في جامعة بار إيلان، ويُعَدُّ خبيراً دولياً في شؤون يهود إيطاليا خلال العصور الوسطى والحديثة. وهو ينحدر أيضاً من سلالة الحاخامات الأبرز والأكثر تقديراً من جاليات يهود إيطاليا. وشغل والده منصب الحاخام الرئيس لروما وهو من كبار زعماء اليهود في أوروبا، وقد أدى دوراً رئيسياً في إقامة العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية وإسرائيل والشعب اليهودي.
وحسبما نقلت «هآرتس» عن كتاب طواف، فإن أحد الأحداث التاريخية التي يتطرق اليها الكتاب، حالة الطفل سيمونينو من تورنتو. فقد عُثر على جثة الطفل في قناة خلال شهر آذار 1475، واتُّهم يهود مدينة تورنتو بأنهم قتلوه واستخدموا دمه لتحضير خبز الفصح. وفي أعقاب ذلك شنق 16 يهودياً من الجالية اليهودية، بعدما أُخذت منهم اعترافات بالتعذيب. وعلى أساس قراءته للوثائق القانونية ذات الصلة بهذه الحادثة، وعلى أساس نصوص آُخرى، توصل طواف إلى خلاصة مفادها أنه لا يمكن رفض احتمال أن الاتهامات ضد بعض اليهود كانت مسنودة ومدعومة بالأدلة.
وحسبما ورد في الكتاب، فقد جرت محاكمات قتل الأولاد المسيحيين في ايطاليا بشكل شبه حصري في القسم الشمالي الغربي من شبه الجزيرة، حيث كانت تعيش جاليات يهودية اشكنازية. ويصف طواف في كتابه «مركزية الدم في التقليد الخاص بعيد الفصح». وبحسب ادعائه، فإن بعضاً من الجاليات اليهودية نسبت إلى دم الحيوانات والبشر قدرة على الشفاء وأن هذه الدماء تحتل مكانة في بعض الطقوس الصوفية.