القاهرة ــ الأخبار
رغم إنكار مسؤولين مصريين وسعوديين وجود حالة من التنافس غير المعلن بين البلدين على الملفات الإقليمية المفتوحة على مصراعيها في العالم العربي، وما يتعلق بمسيرة السلام المعطلة في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن نجاح السعودية في احتواء الخلافات بين حركتي «حماس» و«فتح» ورعايتها لاتفاق مكة، دفع العديد من المحللين إلى اعتبار أن السعودية الآن تمتلك مفاتيح توازن في المنطقة جعلتها ترعى في مطلع التسعينيات اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، وها هي تنهي الحرب الأهلية في فلسطين، بينما الوفد الأمني المصري يتعرض لمضايقات.
ورغم أن مصر والسعودية من أركان «محور المعتدلين» العرب، الا أن الأحداث تشير إلى أن الرياض تمتلك أفق حركة أوسع مما تمتلكه القاهرة تحت إدارة الرئيس حسني مبارك.
ويقول دبلوماسى عربي، واسع الاطلاع، إنه عندما تلتئم القمة العربية، المقرر عقدها فى السعودية نهاية شهر آذار المقبل، فإن هذه القمة ستكرّس رسمياً رئاسة غير معلنة للملك السعودي عبد الله للنظام الإقليمى العربي.
وفيما رأت أوساط عربية أن التنافس المصري ــ السعودي غير المعلن على الزعامة قد حسم أخيراً لمصلحة السعودية، التي باتت تؤدي فعلياً دوراً أكثر من لافت في الملفين العراقي واللبناني، وأخيراً الفلسطيني، وتزايدت التكهنات التي أرجعت أزمة الإعلامية هالة سرحان، واتهامها بتقديم برنامج عن «بنات الليل» يسيء إلى «سمعة مصر» فى قناة «روتانا»، التي يملكها الأمير السعودي الوليد بن طلال، إلى أنها انعكاس للصراع المكتوم بين القاهرة والرياض.

ومع ذلك، نفى المستشار الإعلامي للسفارة السعودية في القاهرة، مطلق المطيري، لـ«الأخبار»، أي تنافس بين بلاده ومصر، معتبراً أن «من يفكرون في هذا الأمر في حاجة إلى مراجعة تاريخ العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة والرياض».
ورداً على ادّعاءات بأن السعودية نجحت بثقلها الديني والسياسي والمالي في خطف الملف الفلسطيني من أيدي القاهرة، رأى المطيري أن هناك تكاملاً وتفاهماً مصرياً سعودياً على التعاون من أجل حل الملفات الإقليمية العالقة أو على الأقل محاولة ضمان عدم تصعيدها لخطورتها على النظام الإقليمى العربي.
وشدد المستشار السعودي على أن الرياض ترى أن تحركها الإقليمي لا يصب في اتجاه منافسة من أجل الزعامة بقدر اهتمامها الرئيسي بتقديم يد العون للدبلوماسية العربية لإيجاد حلول للتعامل مع الملفات المفتوحة سواء في العراق أو لبنان أو السودان والصومال، ناهيك عن المسيرة المتعثرة لعملية السلام فى منطقة الشرق الأوسط.
وقال رئيس تحرير دورية «مختارات إسرائيلية» الصادرة عن مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عماد جاد، إن «النظام الحالي في مصر يريد أن يمارس دوراً يأخذ منه عائداً فقط من دون أن يدفع أي ثمن. وفي الستينيات صنعنا نموذجاً له أخطاؤه ومزاياه، لكن كان له دور. إلا أن مصر الآن ليس لديها ما تقدمه على المحيط الدولي أو الإقليمي، فنحن لا نقدّم أي شيء لا في الديموقراطية ولا في حقوق الإنسان ولا في الشفافية ولا في طهارة الحكم ولا في تداول السلطة».