بغداد ــ الأخبار
وُلدت الخطة الامنية الجديدة لمدينة بغداد، والتي أطلقت عليها الحكومة العراقية اسم «فرض القانون»، بعد مخاض عسير، وبعدما تأجلت مرات عديدة لأسباب مجهولة، وهو ما ادى الى إفقادها عنصر «المباغتة»، ووضعها في خانة الخطط الروتينية، التي تقتصر على مداهمات لمناطق أخلاها المسلحون.
وتقوم الخطة الأمنية في بغداد على مبدأ «دخول المناطق لغرض البقاء فيها، وفرض السيطرة المستمرة عليها»، لا المداهمة والانسحاب مثل الخطط السابقة، وهو ما يمثّل تحدياً أولياً لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والاحتلال.
وتواجه الخطة نفسها انتقادات عديدة لاعتمادها على الشق العسكري، بينما ذهبت ادراج الرياح كل مشاريع التسويات السياسية، رغم اعلان المتحدث باسم الاحتلال وليام كالدويل أن الخطة تعتمد «على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الى جانب الملف الامني»، موضحاً أنه «ليست هناك منطقة مستثناة، وستتم زيادة افراد فرق الإعمار، مع تخصيص مبلغ 10 ملايين دولار للدعم الاقتصادي للخطة الامنية».
وتشهد العاصمة العراقية انتشاراً كثيفاً لقوات الامن العراقية في مختلف مناطقها، التي قسمت الى عشر، فضلاً عن نقاط تفتيش عديدة موزعة على مسافات متقاربة في الطرق الرئيسية، الأمر الذي سبب اختناقاً مرورياً كبيراً.
وبالاضافة الى إغلاق الحدود مع سوريا وايران لمدة 72 ساعة، تفرض الخطة الامنية «حظراً للتجوال على الأفراد والمركبات في حدود منطقة عمليات بغداد، من الساعة الثامنة مساء الى السادسة صباحاً، وتعليق رخص حمل السلاح والذخيرة والمواد الخطرة لجميع الأشخاص، باستثناء قوات الاحتلال وقوات وزارتي الدفاع والداخلية وأفراد شركات الأمن المرخصة، وقوات حماية المنشآت في اماكن عملهم فقط.
وتمنح الخطة صلاحيات موسعة للأجهزة الأمنية العراقية، اذ تخولها «استجواب الأشخاص وتفتيشهم وتوقيفهم عند الضرورة، ووفقاً للقانون، وتطويق وتفتيش اي ممتلكات ينطبق عليها الأمر الصادر عن رئيس الوزراء (نوري المالكي) بهذا الخصوص، وحجز السلع المهربة والممنوعة وغير الشرعية؛ ومن ضمنها الأسلحة والمتفجرات والذخيرة، وتطبيق الإجراءات الاحترازية على كل الطرود والرسائل البريدية والبرقيات وأجهزة الاتصال السلكي واللاسلكي، وتفتيشها وضبطها».
وتفرض الخطة «قيوداً ضرورية على الأماكن العامة والمراكز والنوادي والمنظمات والنقابات والشركات والمؤسسات والمكاتب، لحماية المواطنين والعاملين فيها. ويتعرض كل من يرتكب عملاً من الأعمال المحظورة او عملاً من اعمال الإرهاب او يشجع على ارتكابه او يشارك فيه بأي شكل من الأشكال، او من يؤوي أياً منهم، لأقسى العقوبات، وفق قانون مكافحة الإرهاب»، علماً بأن الخطة تشير بوضوح الى أن على قوات وزارتي الدفاع والداخلية «تجنب التعرض لدور العبادة، الا في حالات الضرورة القصوى، التي يُخشى ان تُحدث خطراً على ارواح المواطنين».
واسترعى انتباه المراقبين أن الإعلان عن البدء بتنفيذ الخطة الامنية الجديدة تزامن مع تسلم الجنرال ديفيد بيترايوس مهماته قائداً جديداً لقوات الاحتلال، خلفاً للجنرال جورج كايسي، اذ إن بيترايوس من القادة البارزين في الجيش الاميركي. وهو سبق أن خدم في العراق، حيث قاد الفوج 101 التابع للمظليين اثناء الغزو الأميركي لهذا البلد عام 2003.
وأشرف بيترايوس على دليل ميداني جديد لـ«مكافحة التمرد» في العراق وأفغانستان، بناءً على استعراض تاريخي لظروف تاريخية مماثلة.
وبحسب ذلك الدليل، فإن بيترايوس يؤكد على «أهمية التوعية لجهة العادات والتقاليد والثقافة السائدة في البلد المضيف للقوات الأميركية، والاتصالات الشخصية، واستراتيجيات إعادة الإعمار والتعاون الوثيق مع الوكالات غير العسكرية».
وتشير المعلومات الى أن القائد الجديد متمرس في حرب المدن، وهو ما يراه محللون عسكريون «مفيداً جداً» من اجل إنجاح الخطة الامنية الجديدة.