رام الله ــ سامي سعيد
الخلاف كان العنصر الخفيّ البارز في لقاء وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الذي غاب عنه المؤتمر الصحافي المشترك،وحتى الأجواء التفاؤلية

لم يحسم لقاء وزيرة الخارجية الأميركية والرئيس الفلسطيني أمس الموقف الأميركي من حكومة الوحدة الوطنية، بل قلّل من أهمية الاختراقات، التي ستنجزها رايس خلال زيارتها للمنطقة، وأظهر أن الهوة لا تزال واسعة بين الموقفين الأميركي والفلسطيني. وقد بدا ذلك واضحاً من إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك لرايس وأبو مازن، رغم أنه كان محضّراً قبل اللقاء، الذي استمر نحو ثلاث ساعاتوسيطرت الإجراءات الأمنية المشددة على أجواء اللقاء الثنائي، الذي ضمّ أيضاً القيادي الفتحاوي محمد دحلان وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات.
وعلمت “الأخبار” من مصدر فلسطيني قريب من عباس أن الرئيس الفلسطيني دعا ضيفته الأميركية إلى الضغط على الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت للموافقة على اتفاق مكة بين “حماس” و“فتح”، ورفع الحصار عن الحكومة الفلسطينية والتعامل مع وزرائها.
وأكد المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن عباس أبلغ رايس أن “حماس” قدّمت مرونة كبيرة في التعاطي مع القضايا السياسية، وأنها خوّلته التفاوض مع إسرائيل.
وأشار المصدر إلى أن أبو مازن أجرى اتصالاً مع بوش خلال اللقاء، طالباً منه التعامل مع الحكومة المزمع تأليفها لأن عدم التعامل معها يعني انهيار الوضع الفلسطيني والعودة إلى مربع الاقتتال.
وبعد إعلان السلطة إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك، تحدّث عريقات إلى الصحافيين، واصفاً اللقاء بأنه “كان مثمراً ومعمقاً”. وأوضح أن الحديث تركّز على مجموعة من المسائل، بدءاً باتفاق مكة وصولاً إلى الجهود المبذولة لتأليف حكومة وحدة وطــنية.
وقال عريقات “إن الرئيس أبلغ وزيرة الخارجية الأميركية بأن أولوياته في ما يتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني، هي وأد الفتنة ووقف الاقتتال الداخلي وتكريس وحدانية السلطة والسلاح الشرعي الواحد، فضلاً عن سيادة القانون”.
أما في ما يتعلق باللقاء الثلاثي الذي سيعقد اليوم الإثنين بين عباس ورايس وأولمرت، فقال عريقات “إن الرئيس أكد التزامه بوجوب إطلاق عملية سلام ذات مغزى تقود إلى تنفيذ رؤية الرئيس جورج بوش، بإقامة الدولتين وبكيفية الوصول إلى هذا الهدف”.
وأفاد عريقات بأن عباس قال لرايس “إنه آن الأوان لوضع حدٍ للمعاناة والصراع وســــفك الدماء، بســـلوك طريق يقــود إلى تحقيق رؤية الــرئيــــس الأمـــيـركي بإقامــة الــدولتـــين”.
وكان عباس قد التقى أول من أمس مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش في رام الله.
وقال مساعد لعباس، شارك في الاجتماع، إنه ناشد واشنطن تخفيف الاعتراضات على اتفاق حكومة الوحدة الفلسطينية مع حركة “حماس”، وقال لولش إنه “أبرم أفضل اتفاق يستطيع التوصل إليه. لا نستطيع تغييره. إما أن تقبلوه أو ترفضوه كلياً”.
وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن على الولايات المتحدة وإسرائيل منح فرصة لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الجديدة. وأضاف “سنقول للأميركيين والإسرائيليين إنه يتعين عليهم منح فرصة لهذه الحكومة”.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحركة “فتح”، عزام الأحمد، إن وحدة الموقف الفلسطيني الداخلي والموقف العربي يستطيعان إجبار الإدارة الأميركية على إعادة النظر في حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة.
وأضاف الأحمد، بعد لقاء عباس وولش، “للأسف، لا تزال الولايات المتحدة تحابي إسرائيل، فقد وعدت في البداية بدراسة الاتفاق وتأليف الحكومة وكيفية سيرها، وفجأة أصدروا التصريحات بطريقة مترددة وهو ما يدلّل على انسياقهم إلى الجانــــب الاســــرائيــــلي وانحــــيازهم له”.
إلى ذلك، شدد رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف اسماعيل هنية أمس على وقوفه إلى جانب عباس لحماية اتفاق مكة ومواجهة الضغوط الخارجية. وقال “نحن نقف إلى جانب الرئيس لحماية الاتفاق ولمواجهة الضغوط الخارجية، سواء من الإدارة الأميركية أو غيرها، والتي تسعى إلى إعادة عقارب الزمان الى الوراء وإبقاء الساحة الفلسطينية في حالة من الاضطراب الداخلي”.
وأضاف هنية “نحن صف فلسطيني واحد وموحد في حماية هذا الاتفاق ومواجهة الضغوط الخارجية”، موضحاً أن “اتفاق مكة عبّر عن الإرادة الحقيقية للشعب الفلسطيني. كما أكد على وجوب احترام الجميع لإرادة هذا الشعب”.
من جهتها، أشارت حركة “الجهاد الإسلامي”، في بيان، إلى أن زيارة رايس الحالية الى المنطقة ستمنى بالفشل، معتبرة إياها محاولة لـ“الالتفاف على الحوار الفلسطيني الداخلي” للخروج من الأزمة الراهنة على الساحة الفلسطينية.