strong>برلين مع «إحياء التفاوض»... وروسيا تجدّد تحذيراتها لبولندا وتشيكيا
من الواضح أنّ العلاقة بين موسكو وواشنطن هي في أدنى مستوياتها منذ سنوات. وينطلق التأزّم من بواعث القلق الذي يساور روسيا حول منظومة الدفاع الصاروخيّة الأميركيّة في أوروبا، وتوسّع حلف شمال الأطلسي، والحرب في العراق، والمواجهة المتزايدة بين واشنطن وطهران بسبب البرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى ملفّ إقليم كوسوفو المثير للجدل. قلق سعت واشنطن أمس إلى احتوائه من خلال مرافق عديدة.
وتداعى العملاقان الأميركي والروسي، أمس، لتعزيز التعاون الثنائي في مجال “مكافحة الإرهاب” الدولي، وتسوية النزاعات الإقليمية، إضافة إلى التنسيق في مسائل الطاقة الذريّة ونظام “منع انتشار” الأسلحة النوويّة.
وجاءت الدعوة خلال لقاء عقد بين سكرتير مجلس الأمن الروسي إيغور إيفانوف ومستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي، في موسكو أمس، بحسب وكالة “نوفوستي” الروسيّة، في وقت أفاد مجلس الأمن الروسي، في بيان لمكتبه الصحافي، بأنّ الجانبين أشادا بتطوير الحوار الاستراتيجي بينهما في شؤون الأمن والمسائل الدولية.
وقال البيان إنّ إيفانوف شدّد “على ضرورة إزالة جميع أسباب القلق بين الدولتين عن طريق الحوار، ودعم الطابع الثابت والخالي من الأحكام المسبقة للعلاقات، ما يُعدّ ضماناً للتعاون البنّاء وحلّ المشكلات سواء الثنائية أو الدولية”.
وكانت وكالة “انترفاكس” الروسية قد نقلت عن هادلي قوله “نحن لا نعتبر خطاب الرئيس (فلاديمير) بوتين دعوة للمواجهة، ولا نعتقد أن خطابه كان يرمي إلى هذا”، في إشارة إلى خطاب بوتين في ميونيخ في العاشر من الشهر الجاري.
وفي هذا السياق، بحث النائب الأوّل لرئيس الوزراء الروسي، سيرغي إيفانوف، مرشّح بوتين الأوّل للانتخابات الرئاسيّة المقبلة، مع هادلي، شؤون التعاون في مجال الطاقة والتجارة، إضافة إلى المسائل المتعلّقة بتوفير الظروف المناسبة للتعاون في المجال الاقتصادي.
ورأى هادلي، بعد اللقاء، أنّ “البلدين يواجهان في هذه الفترات المعقّدة الكثير من المسائل المختلفة”، مضيفاً أنّه “من الضروري إيجاد الفرص في كافة القضايا المعقّدة لمواصلة المسيرة إلى الأمام”.
وفي إطار المبادرات الساعية إلى التخفيف من وتيرة التخاطب التهديدي، دعت برلين أمس إلى إقامة حوار هادئ ومفتوح حول الخطط الأميركية المتعلّقة بالمنظومة الصاروخيّة، مع الأخذ بالاعتبار عدم إلحاق الضرر بنظام الحدّ من التسلّح.
وقال وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، عقب لقاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في برلين أمس، إنّه يرغب في بذل الجهد حتى يتمّ هذا الحوار من دون “حساسيات مضادّة لواشنطن أو لموسكو”.
من جانبه، طالب لافروف مجدداً بالمزيد من الإيضاح حول رغبة الجانب الأميركي في إنشاء “نظام الدفاع الصاروخي في بولندا وتشيكيا”، مشيراً إلى وجود مراحل من التوقّف في المباحثات داخل مجلس “الأطلسي ـــ روسيا”، تزامنت مع قرار واشنطن، وهذا ما أعطى انطباعاً بأنّ مراحل التوقّف تلك كانت متعمّدة.
من ناحية أخرى، أوضح لافروف رفض بلاده فرض حلّ على السكّان الصرب في إقليم كوسوفو الانفصالي جنوبي صربيا. وقال إنّ “الصرب وألبان كوسوفو هما من يمكنهما التوصّل للحلّ”، محذراً من أنّه لا يمكن لأيّ طرف فرض ذلك”، في إشارة إلى المشروع الأخير الذي صاغته الأمم المتّحدة، عبر مبعوثها مارتي أهتيساري، المدعوم أميركيّاً.
إلى ذلك، يستكمل المسؤولون في واشنطن سعيهم لإقناع نظرائهم الروس بأنّ “النظام” المقترح يستهدف إيران، حيث ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركيّة أمس أنّ المسؤولين الأميركيين صُدموا من ردّة فعل موسكو على الخطط “الدفاعيّة”.
وأوردت الصحيفة، على لسان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أنّه “لا يمكن بأي شكل من الأشكال” أن تكون الصواريخ والرادارات “تهديداً لروسيا، أو أنّها ستقّلل من قدرة آلاف الرؤوس الحربية الروسية الرادعة”.
أما قائد السلاح الصاروخي الاستراتيجي الروسي الجنرال نيكولاي سولوفتسوف فقد شدد من جهته على تهديداته بتوجيه صواريخ باتجاه الدول التي ستتعاون مع خطة الصواريخ الدفاعية الأميركية، في إشارة إلى تشيكيا وبولندا.
وقال سولوفتسوف، في مقال نشرته الصحيفة نفسها، إنّه “إذا اتّخذت حكومتا وارسو وبراغ، وحكومات أخرى هذا القرار (نشر الصواريخ والرادارات الأميركيّة)، فإنّ قوّات الصواريخ الاستراتيجية ستتمكّن من اعتبار هذه الدول أهدافاً”، مشيراً إلى أنّه يعتقد “بأن مشاورات ثنائية عُقدت، وستُعقد مشاورات إضافية بهدف منع ذلك»، ومحذّراً من أنّ «النتائج ستكون خطيرة بالنسبة للطرفين”.
(د ب أ، رويترز، يو بي آي)