«يجب أن تقولوا الحقيقة... العراق في وضع حزين»، بهذه الكلمات تلخّص إحدى الطالبات الجامعيات في العراق المناخ المسيطر على الصروح العلمية التي لم تنج من العنف الطائفي، حيث أصبح الطلاب الراغبون في مواصلة تعليمهم والأساتذة الحريصون على الاستمرار في أداء عملهم يقدمون على مخاطرة قد تكلفهم حياتهم.ولعل ما شهدته كلية الاقتصاد والإدارة التابعة لجامعة المستنصرية في بغداد يوم الأحد الماضي، حين وقعت ضحيةً لتفجير دامٍ حصد أرواح 40 طالباً وطالبة خير دليل على هذه الفوضى.
ويقول وزير التعليم العالي عبد دياب العجيلي بصوت مرتجف “ماذا يمكننا أن نفعل؟ لا يمكننا أن نفتش الجميع”، مضيفاً “كان هناك عدد كبير من الطلاب لأن امتحانات كانت تعقد في هذا اليوم”.
وتقع كلية الاقتصاد والإدارة في منطقة الطالبية القريبة من مدينة الصدر معقل جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ومعظم طلابها من الشيعة.
وقالت أستاذة من جامعة بغداد، وهي واحدة من الجامعات الأربع في العاصمة العراقية، “لقد أصبح بالفعل من الصعب علينا أن نعمل. فالطريق غير آمن، والجامعة نفسها غير آمنة”.
وتضيف السيدة التي تخشى الإفصاح عن اسمها “إنني أغيّر باستمرار موعد ذهابي الى الجامعة، كما إنني أتحرك برفقة حارس خاص”، موضحة بأسف “عندما تهاجَم الجامعات فإن المجتمع ينهار”.
وتقول “إننا بحاجة شديدة إلى التعليم، فالبلد كان مغلقاً (في عهد صدام حسين) ولم نكن نعرف ما يحدث في الخارج”.
ويبدو أن أساتذة الجامعات مستهدفون بشكل متعمّد. فوفق إحصاءات وزارة التعليم العالي، قتل 195 منهم وخطف آخرون منذ بداية العنف. كما إن الآلاف من أساتذه الجامعات تركوا العراق.
وتقول طالبة في السنة الثالثة في كلية العلوم السياسية “إن الوضع هذا العام صعب للغاية. إننا خائفون جداً”. وتضيف “أحياناً توزع منشورات تحذّر السنّة من المجيء الى الجامعة، وأحياناً أخرى توزع منشورات موجهة إلى الشيعة تهددهم إذا ما واصلوا التردد على الجامعة”. وتقول بأسى “إن أقرب صديقاتي سنية”.
ويشير محمد، وهو معيد سابق ترك التدريس، إلى أن الكثير من الطلاب توقفوا عن الذهاب الى الجامعة.
وخلال العام الدراسي 2006 /2007 لم تكن الدراسة منتظمة بسبب العنف، وهذا ما دفع وزارة التعليم العالي إلى إصدار قرار يتيح للجامعات تأجيل الامتحانات.
ويقول العجيلي “المفترض أن يدرس الطلاب 30 أسبوعاً خلال العام الدراسي، وإذا لم يتمكنوا من استكمال ساعات الدراسة المقررة فمن الأفضل تأجيل الامتحانات حفاظاً على المستوى العلمي”. وتأخذ الوزارة بعين الاعتبار المخاطر الأمنية التي تواجه الطلاب بسبب العنف الطائفي، لذلك وافقت على تعليق العمل بنظام القبول في الجامعات على أساس مستوى الدرجات.
ويهرب العديد من الطلاب السنّة الى الموصل (شمال) حيث يواصلون دراستهم الجامعية، بينما يغادر الشيعة محافظة الأنبار ذات الغالبية السنية (غرب) للالتحاق بالجامعات في بغداد لتجنب ملاحقات الميليشيات.
(ا ف ب)