نيويورك ــ نزار عبود
قررت الأمم المتحدة في بداية الألفية الثالثة أن الفقر والمرض والأميّة وغيرها من المآسي باتت «عاراً» على البشرية. واتخذت الجمعية العامة قراراً جماعياً في عهد الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي أنان، بوضع أهداف لتطبيقها خلال فترة لا تتجاوز 15 عاماً.
إلا أن نصف المدة انقضى، ولا يبدو أن العالم حقّق أي تقدم نحو تحقيق أهدافه، فهو قادر اليوم على إطعام 12 مليار نسمة من الإنتاج الحالي، ولا تزال المجاعة وحشاً يتربص بأرواح مئات الملايين.
أهداف الألفية، كما حدّدت، تقضي بتقليص الفقر المدقع إلى النصف، وتوفير التعليم الابتدائي للجميع، والقضاء على التمييز بين الجنسين، وتقليص وفيات الولادات، وتحسين صحة الأمهات، ومحاربة الأمراض العضال السارية، والمحافظة على البيئة، وأخيراً إقامة شراكة عالمية في التنمية.
لكن العالم يزداد فقراً والبيئة تحترق، بل إن مشاكل الدول الأكثر فقراً، «ولا سيما في الصحراء الإفريقية، تزداد تفاقماً»، كما قال بان كي مون أثناء إطلاق مشروع جديد لمراقبة تطبيق أهداف الألفية في نيويورك مساء أول من أمس. أضاف «هناك اليوم في كوكبنا نحو مليار نسمة يعيش الفرد منهم على أقل من دولار في اليوم. ملايين الأطفال يموتون كل سنة قبل بلوغ سن الخامسة لأسباب ترتبط بسوء التغذية والملاريا والإيدز وغيرهما من الأمراض المعدية التي ترخي بظلالها على الدول الأقل قدرة على تحمل أعبائها».
وبالتعاون بين برنامج الأمم المتحدة للتنمية وشركتي «غوغل» و«سيسكو»، استُحدث الموقع الدولي الذي سيتعقّب بيانات كل دول العالم، ربما باستثناء كوريا الشمالية لأسباب مجهولة، فور تلقّيها. البيانات الصادرة عن الحكومات أو المنظمات الدولية والوكالات ستظهر معنونة بحسب مصدرها لكي تكون متاحة للصحافة والباحثين ورجال الاقتصاد أو الحقوق، إضافة إلى رجال السياسة.
وسيكون الموقع مرتبطاً بنظام «غوغل إيرث»، بحيث يمكن الحصول في خريطة أي دولة على قائمة بأحدث البيانات وتاريخ صدورها.
مايكل جونز، كبير خبراء التكنولوجيا لدى «غوغل إيرث»، قال لـ«الأخبار» إن «البيانات تأتي على الموقع المفتوح للجميع مباشرة ومن دون تدخل في مضمونها. ويبقى على الباحث أو السياسي أن يستخلص النتائج التي يحتاج إليها». وأضاف «تقدّم الحكومات المعلومات عن الأهداف التي تعهدت بتحقيقها في مسائل مثل التعليم والصحة وتحسين مستوى معيشة المواطنين أو مساواة المرأة. ويقوم برنامج الأمم المتحدة بقياس مقدار التقدم المتحقق. ويستطيع الباحث أو الصحافي أن يقارن درجة التقدم مع الدول المجاورة أو غيرها، ويحدد إن كانت الحكومات بذلت جهداً حقيقياً لبلوغ الأهداف المنشودة أو لا، أو يحدد إذا استنبطت أساليب جديدة لحل مشاكلها».
جميع الدول الأعضاء الـ198 في عام 2000 وافقت على أهداف الألفية، ولكن الكثير منها مسؤول عن الفقر والمجاعات في العالم، سواء بفرض حكومات فاسدة أو بمساعدتها على البقاء في السلطة. ولا ينسى العالم دور الحصار الاقتصادي والأطماع الاستعمارية والحروب المتفشية في تكريس الفقر وتعميمه. لذا الأمم المتحدة ستتمكّن من خلال مصدر المعرفة الفورية الجديد من فضح الدول الرافضة تطبيق أهداف الألفية.