strong> بول الأشقر
فاز الاشتراكي الديموقراطي ألفارو كولوم برئاسة الجمهورية في غواتيمالا، أكبر دول أميركا الوسطى بعدد سكانها، إثر دورة انتخابية ثانية، ليكون أول رئيس محسوب على اليسار يصل إلى سدة الحكم في هذا البلد منذ عام 1954.
وبعد فرز أكثر من 99 في المئة من الأصوات، حصل كولوم على حوالى 53 في المئة من التأييد، فيما نال منافسه الجنرال اليميني أوتو بيريز مولينا أكثر بقليل من 47 في المئة. وتميّزت الدورة الثانية بتدنّي نسبة المشاركة التي تراجعت إلى 45 في المئة من الأصوات بعد أن بلغت حد الـ54 في المئة في الدورة الأولى.
وقد فاز المرشح اليساري في 20 من المحافظات الـ22 التي يتألف منها البلد، فيما جدد الجنرال اليميني فوزه الكاسح في العاصمة وفي ولاية صغيرة موازية لها. وقد تقدم مولينا في العاصمة ـــــ ربع السكان ـــــ بحوالى 140 ألف صوت، وهو الفارق الذي عوّضه كولوم تدريجاً في جميع المحافظات، وخصوصاً تلك المحاذية للمكسيك، لينهي السباق متقدماً على خصمه بحوالى 150 ألف صوت. وقد حصل كولوم على أفضل نتائجه في المحافظات ذات الغلبة الهندية.
يذكر هنا أن غواتيمالا هي البلد الوحيد في أميركا الوسطى ـــــ والآخر بوليفيا في أميركا اللاتينية ـــــ حيث يشكل الهنود، وهم سكان القارة الأصليون، الأكثرية المطلقة للسكان.
وهي المرة الثالثة التي يشارك بها ألفارو كولوم بالانتخابات الرئاسية، وكان قد وصل في انتخابات عام 2003 إلى الدورة الثانية قبل أن يهزمه أوسكار بيرجير، الرئيس المحافظ الذي تنتهي ولايته الآن. أما خصمه الجنرال مولينا فهي المرة الأولى التي يترشح فيها لانتخابات الرئاسة، ومن المرجح أن يعود ويجرّب حظه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، علماً بأنه لم يحصل حتى الآن أن فاز مرشح من المرة الأولى في الانتخابات الرئاسية.
وكانت نتائج الدورة الأولى قد دلّت على ترسخ الأحزاب اليمينية، التي نالت أكثرية المقاعد النيابية بسبب غلبة موضوع العنف الذي كلف غواتيمالا أكثر من ستة آلاف قتيل منذ بداية السنة، فيما لم يحصل نواب «الوحدة الوطنية من أجل الأمل»، الحركة المؤيدة لكولوم، إلا على ثلث النوّاب، ما يفرض على الرئيس المنتخب الآن عقد تحالفات سياسية لتشكيل أكثرية سياسية.
وألفارو كولوم ـــــ الذي خسر الكثير من أفراد عائلته في الحرب الأهلية التي استمرت في غواتيمالا من عام 1960 لغاية عام 1996ـــــ هو مهندس زراعي ورجل أعمال. وهو من القلائل من غير الهنود الذي نال رمزياً لقب «شامان»، أي كاهن، من قبل الهنود المايا الذين يشكلون أكثرية سكان غواتيمالا.
وهو الرئيس السادس الذي يتم انتخابه ديموقراطياً بعد انتهاء الحرب الأهلية وعودة الديموقراطية.
وهي المرة الأولى ـــــ بعد الانقلاب الذي نفذته وكالة الاستخبارات المركزية عام 1954ـــــ التي يفوز بها مرشح محسوب على اليسار. وقال كولو، في تصريحه الأول بعد فوزه، «لقد طوينا صفحة المأساة والعسكريتاريا».
ولن تكون مهمة كولوم سهلة، إذ يصل إلى السلطة فيما تصعّد الولايات المتحدة عملية قمع الهجرة غير الشرعية التي تشكل مورداً أساسياً للاقتصاد الغواتيمالي وترتفع فاتورة الطاقة.