غزة ــ رائد لافي
أصابت حالة من «الشلل» الحركة التجارية في قطاع غزة أمس، مع الالتزام «الجزئي» بالإضراب، استجابة لدعوة من «قيادة السلطة في رام الله» إعلان الحداد العام لمدة 3 أيام وتنكيس الأعلام عن المؤسّسات الرسمية احتجاجاً على «الصدامات الدامية» بين حركتي «فتح» و«حماس». وشنّت الشرطة الفلسطينية التابعة للحكومة المُقالة، برئاسة إسماعيل هنية، حملة اعتقالات واسعة، تخلّلها دهم منازل أشخاص بدعوى مشاركتهم في افتعال الصدامات. وقدّرت مصادر في حركة «فتح» عدد المعتقلين من أنصارها بنحو 400 عنصر وكادر.
كما أغلقت محال تجاريّة أبوابها، وعلّقت غالبيّة المدارس الحكومية والخاصّة الدراسة، وسرّحت الطلبة، وسط أجواء من الحزن عمّت أرجاء مدن القطاع.
ونفت وزارة الداخلية، في بيان، نفياً قاطعاً «جميع الاتهامات التي تدّعي أن الاعتقالات التي تقوم بها ضد المنفلتين هي اعتقالات سياسية، وتؤكد أنّ الذين تم اعتقالهم كان ذلك على خلفية إخلالهم بالأمن والنظام العام وخلق الفوضى وتحريضهم على الشغب».
وفي المقابل، شددت «فتح»، على لسان المتحدّث باسمها فهمي الزعارير، على أنّ «حملة الاعتقالات لن تنجح في قمع الحضور الشعبي للحركة في قطاع غزة». وقال للصحافيّين، إنّ حملة الاعتقالات والممارسات «الشيطانية» من جانب أجهزة «حماس» «لن ترهب أبناء حركة فتح في غزة».
من جهتها، أدانت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» حملة الاعتقالات الواسعة التي شنّتها أجهزة «حماس» على كوادر «فتح» وعناصرها. وقال عضو اللجنة المركزية في الجبهة، جميل مزهر، إنّ «اعتقال المناضلين هو إمعان في قمع حريّة الرأي والتعبير، وتنكّر للتعدديّة السياسية التي رسّخها شعبنا بنضاله الطويل ضدّ الاحتلال، وهي جريمة تضاف إلى الجريمة النكراء التي ارتكبتها القوة التنفيذيّة (شرطة «حماس») بحقّ المحتشدين في مهرجان الوفاء للشهيد القائد أبو عمّار».
وطالب مزهر «قيادة حركة حماس بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، ووقف الملاحقات والاعتقالات والاعتداءات التي تمارس بحق المواطنين والمناضلين». ولفت إلى أنّ «قتل المواطنين واعتقال المناضلين، سيعمّق الأزمة والانقسام في الشارع الفلسطيني»، داعياً «كلّ القوى السياسية والمخلصين من أبناء شعبنا إلى الوقوف وقفة جادّة ومسؤولة تجاه الممارسات المسيئة لنضال وتاريخ شعبنا التي تقوم بها أجهزة حماس».
كما نددت «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» بحملة الاعتقالات على عناصر وكوادر «فتح»، داعية إلى «وقف كل أشكال الاستدعاءات والمداهمات، وإطلاق سراح جميع المعتقلين». وأشارت، في بيان، إلى أنّ «الخروج من المأزق الراهن وكارثة الانقسام المدمّر تتطلّب من حركة حماس التراجع عن نتائج حسمها العسكري، ووقف كلّ الإجراءات التي تعمّق الانقسام والفصل بين الضفّة الغربية وقطاع غزة لتمهيد الطرق لحوار وطني شامل».
وفي إطار الأزمة، داهمت الشرطة منزل مستشار الرئيس محمود عبّاس لشؤون حقوق الإنسان، كمال الشرافي، في مخيم جباليا في شمال القطاع، وصادرت منه جهازي كومبيوتر وملفّات خاصّة، فيما هو شخصياً لم يكن في المنزل. وقال المتحدّث باسم وزارة الداخلية في الحكومة المقالة، إيهاب الغصين، إنّ «تفتيش منزل الشرافي جرى بناءً على قرار من النائب العام»، مشيراً إلى أنّ «هناك أدلّة تثبت أن الشرافي وزير للصحة في حكومة (سلام) فياض ويقوم بمراسلات مع رام الله، والتنسيق لإجراء تحويلات طبية إلى الخارج من دون التنسيق مع الحكومة في غزة». إلا أنّ زوجة الشرافي قالت إنّ عناصر الشرطة أخبروها أن «البلد في حال الطوارئ ولا يحتاجون إلى إذن للتفتيش»، عندما سألتهم عن ذلك الإذن الذي يصدره النائب العام. ولاحقاً، نفى الشرافي شغله منصب وزير الصحة في حكومة فياض، وقال: «هذه ادّعاءات باطلة، ومثيرة للسخرية»، ووصف الطريقة التي جرى فيها اقتحام منزله بأنّها «همجية».
ميدانياً، أصيب المزارع أسامة ناصر أبو سيف (32 عاماً) بجروح خطيرة، جرّاء انفجار جسم مشبوه شرق مخيم البريج للاجئين وسط القطاع.