باشرت واشنطن أمس توزيع الدعوات لمؤتمر السلام الدولي المقرر في أنابوليس الثلاثاء المقبل. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أول من تسلم هذه الدعوة أمس، في وقت لا تزال فيه العقبات تعترض مساعي فريقي التفاوض من الجانبين للتوصل إلى وثيقة مشتركة، بات من شبه المؤكّد أنها لن تعرض على المؤتمر.وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن الرئيس الفلسطيني تسلم «دعوة رسمية» من الرئيس الأميركي جورج بوش لحضور مؤتمر أنابوليس. وذكر أن اللقاءات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية لا تزال متواصلة، وكذلك الجهود العربية والأميركية مستمرة على مدار الساعة، للوصول إلى اتفاق على وثيقة تلبي المطالب الفلسطينية والعربية.
إلا أن المستشار الرئاسي الفلسطيني نمر حمّاد توقّع الذهاب إلى المؤتمر من دون بيان مشترك.
وفي ظل أجواء التأزم التي تلف المفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية على صيغة البيان المشترك، قالت تقارير إعلامية إسرائيلية أمس إن تقدماً ما طرأ في هذا الإطار، يتمثل في الاتفاق على أن يركز البيان على المسيرة السياسية والاتصالات التي ستبدأ بعد المؤتمر لا على «القضايا الجوهرية». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إنه «قياساً إلى الأيام الأخيرة، يوجد تفاؤل ويوجد احتمال كبير في الاتفاق في الأيام القريبة المقبلة على صيغة البيان».
إلا أن مسؤولين إسرائيليين آخرين قللوا من أهمية الوثيقة المشتركة، مؤكدين أن محور المؤتمر المقرر يومي 26 و27 من الشهر الجاري سيكون التوصل إلى اتفاق لاستئناف محادثات رسمية بخصوص إقامة دولة فلسطينية.
وأكد رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات أن الاجتماع بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي أمس لم ينجح في حل الخلافات بين الجانبين. وقال إن «الهوة لا تزال قائمة حول المصطلحات والمفاهيم، وهناك صعوبات وخلافات جوهرية بين الطرفين بشأن الوثيقة المقترحة لمؤتمر أنابوليس». وأوضح أن الخلافات «تتركز على رفض إسرائيل لجنة ثلاثية فلسطينية ـــــ إسرائيلية مع ممثل اللجنة الرباعية للإشراف على تنفيذ المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق بشكل متبادل ومتزامن وأن تكون اللجنة الرباعية هي الحكم بين الجانبين».
وقال مسؤول فلسطيني آخر، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن «إسرائيل تريد نصاًَ حول المبادرة العربية يشيد بالمبادرة ويثمنها ولا يريدها أن تكون إحدى مرجعيات المؤتمر». وتابع قائلاً إن «عدم اعتماد المبادرة العربية للسلام الشامل في المنطقة إحدى مرجعيات أنابوليس يعني أن إسرائيل لا تريد سلاماً في المنطقة».
ورغم الحديث عن إلقاء الرئيس الأميركي خطاباً في المؤتمر يعوّض الفشل في التوصل إلى بيان مشترك، قالت صحيفة «معاريف» إن «إسرائيل تحاول من وراء الكواليس إقناع الولايات المتحدة بعدم ضرورة إلقاء خطاب رئاسي دراماتيكي في المؤتمر وبعدم الحاجة إلى تطوير الرؤية أو الالتزامات الأميركية حيال المسار الفلسطيني».
وأشارت «معاريف» إلى أن الرئيس الأميركي قد يلغي مشاركته في المؤتمر إذا قررت الدول العربية أن يقتصر تمثيلها في المؤتمر على مستوى سفراء.
وفي سياق متصل، كشف مراسل الشؤون السياسية في صحيفة «هآرتس» أن ثمة مجموعة ضغط عسكرية وأمنية في إسرائيل تعارض التوجه نحو التفاوض على الحل الدائم مع الفلسطينيين في ظل ضعف قيادتهم الحالية عن الوفاء بأي شيء يمكن الاتفاق عليه. وأشار إلى أن التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، إضافة إلى محاضر جلسات النقاش الداخلي، تظهر أنه لا يوجد أي احتمال للتوصل إلى اتفاق دائم مع الفلسطينيين، برغم اعتقادها أن عباس ورئيس حكومة الطوارئ، سلام فياض، راغبان بصدق في تحقيق السلام، «لكن للأسف وببساطة كلاهما ضعيف». وبحسب الكاتب نجحت مجموعة الضغط هذه «في إقناع أولمرت بأن الخيار المطروح أمامه هو بين الطاعون والكوليرا، وقد استقر رأيه على أن ينال التطعيم من المرضين، بمساعدة دواء سهل، برهن على نفسه في أيام حكومة نتنياهو وهو: إذا أعطوا فسيأخذون، وإذا لم يعطوا فلن يأخذوا».
من جهة أخرى، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أنه أصدر تعليماته للجيش بالبقاء على درجة عالية من اليقظة تحسباً لتنفيذ عمليات تهدف إلى إحباط مؤتمر أنابوليس، مشيراً إلى أن رفع مستوى التأهب يشمل القوات المنتشرة على الحدود اللبنانية، فضلاً عن الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال، في كلمة خلال حفل عسكري في جنوب إسرائيل، إن الأحداث الأخيرة في غزة والضفة الغربية تدل على نيات لدى حركتي حماس والجهاد الإسلامي برفع مستوى «الإرهاب» على خلفية أنابوليس.
وفي سياق متصل، أكد باراك مواصلة بناء المساكن في المستوطنات القائمة في الضفة الغربية، مشيراً إلى أنه «من غير الممكن من الناحية القانونية وقف المشاريع الجاري بناؤها منذ سنوات».
بدوره، استبعد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، أن ينعكس فشل مؤتمر أنابوليس سلباً على الواقع الميداني بين الفلسطينيين وإسرائيل، مقللاً من احتمال اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية إذا فشل المؤتمر.
وقال أشكنازي، أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أمس «إن الفلسطينيين يدركون أن أنابوليس قد يكون في المحصلة حدثاً شكلياً، لكن المفاوضات تأتي بعده. لا أعتقد أنه ستكون هناك انتفاضة».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، الأخبار)