لن يكون مؤتمر السلام في الشرق الأوسط الأسبوع المقبل في أنابوليس، المرة الأولى التي تشهد فيها هذه المدينة أحداثاً سياسية مهمة، إذ وقّع فيها دبلوماسيون منذ قرون اتفاقات سلام كبرى عديدة وأرسوا المعالم المدنية والديموقراطية للدولة الأميركية.عندما يجتمع المسؤولون العرب والإسرائيليون الأسبوع المقبل في الأكاديمية البحرية الأميركية التي تأسست عام 1845، فإن المؤتمر سيكون قرب مواقع شاركت في صنع التاريخ الأميركي.
ففي أنابوليس أقر الكونغرس عام 1783 رسمياً معاهدة باريس للسلام، التي أنهت الحرب الثورية مع بريطانيا. وفي 24 كانون الأول من العام نفسه، شهدت المدينة أكثر الأحداث شهرة في التاريخ الأميركي حيث استقال جورج واشنطن المنتصر في الحرب من قيادة الجيش القاري، في علامة تدلّ على أن المدنيين هم مَن سيحكمون أميركا، لا الجنرالات أو الملوك.
بعدها أصبحت أنابوليس العاصمة الأميركية الأولى في زمن السلم وأحد أقدم المواقع التشريعية في البلاد، حيث كان الكونغرس يجتمع تحت القبة الخشبية لعاصمة ماريلاند.
رحيل الكونغرس عن أنابوليس عام 1784 أنهى دور المدينة في السياسية الوطنية. واليوم، يؤم السياح الحانات التي رفعت فيها شخصيات مهمة أمثال جورج واشنطن وتوماس جيفيرسون (الرئيسين الأول والثالث للولايات المتحدة) أنخاب النصر.
لكن المدينة التي تبعد نحو 50 كيلومتراً شرقي واشنطن، لا تزال تنظر إلى نفسها على أنها مكان حلّ الخلافات. وهي في الواقع أتت إلى الوجود قبل أكثر من 300 سنة بسبب خلاف ديني. إذ تم تأسست ماريلاند ملجأً للإنكليز الكاثوليك في القرن السابع عشر، وجعلت عاصمتها الأولى في مدينة سانت ماري ذات الغالبية الكاثوليكية.
وبعد سيطرة البروتستانتية على إنكلترا ومستعمراتها، انتقلت عاصمة ماريلاند إلى أنابوليس، ذات الغالبية البروتستانتية، عام 1694 «للابتعاد عن تأثير الكثلكة». ويعبّر تصميم المدينة عن التداخل بين الدين والسياسة، إذ تتفرع الشوارع من دائرتين أساسيتين تضم إحداهما كنيسة والأخرى مبنى الحكومة، بحيث أينما ذهبت في أنابوليس فستجد الإشارات التي تقودك إلى هذه المباني المهمة.
(أ ب)